نجاحات متوالية للدبلوماسية السعودية

نجاحات متوالية للدبلوماسية السعودية

المتأمل الحصيف للمشهد السياسي للمملكة، وتعاملها الناجح مع الملفات الساخنة، سواء كانت محلية أو إقليمية أو عالمية، يدرك القدرة الفذة لقيادتنا على التعامل بحكمة وحنكة وتروٍّ وحزم. وهذا ليس بمستغرب؛ إذ إن القيادة اتسمت بالعمق السياسي منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، واستمر النهج بممارسة واعية من أبنائه الملوك حتى هذا العهد الزاهر، عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، فضلاً عن المعطيات التي تمتلكها دولتنا بكونها قِبلة المسلمين، وبها الحرمان الشريفان. وهذان الرصيدان المهمان يحتمان عليها مسؤولية عظيمة بأن تكون قائدة ورائدة، تسعى إلى التضامن والاحترام المتبادل، وتحقيق المصالح المشتركة مع جميع دول العالم، بما يحقق الوئام والسلام؛ فهي - أي السعودية - تعمل وفق سياسة "النفس الطويل" بعيدًا عن الافتعال والصخب فارضة نفسها واحترامها.

ولما يمرُّ به العالم حاليًا من متغيرات سياسية واقتصادية نلحظ أن السياسة السعودية تتعامل مع كل الملفات الساخنة بإيجابية دون أن تسمح لمفتعلي العبث الإقليمي باختراق دول المنطقة.

وعندما حاولت إيران التغول بصفاقة في الجنوب العربي تجلى الدور السعودي الحاسم بكبح جماح هذه السياسة الخرقاء، والتدخل السافر، فضلاً عن تمكُّن السعودية من اجتثاث مخالب الإرهاب، بما يجعلها أنموذجًا عالميًّا في هذا الشأن. وفي الوقت نفسه مدت أذرعها السياسية لتوطيد العلاقة مع الدول العظمى (أمريكا وروسيا واليابان والصين) برؤية ثاقبة، وثقة متناهية، وثقل سياسي، وندية اقتصادية.

هذا الدور الطليعي لسياسة السعودية جعلها محط أنظار العالم لقدرتها الفاعلة على مواكبة المتغيرات الدولية، وتحركاتها السياسية، وتحالفاتها الدولية رغم التقاطعات السياسية وتشابكاتها المعقدة إلا أنها انتهجت طريقًا حقق لها الريادة الدولية؛ لتتسنم موقعًا بارزًا، ليس لكونها قائدة دول العالم الإسلامي فحسب، أو أنها ضمن الدول العشرين الاقتصادية، أو لثقلها العربي وقوتها النفطية ومميزاتها الجيواستراتيجية، بل للرؤية الحكيمة التي يتسم بها القادة السعوديون. وقد سطعت رؤية 2030 لتشكل انطلاقة سعودية قوية.

ومن الشواهد الحية التي تحسب للمملكة وقوفها الصلب أمام الخطر الإيراني الذي بات مهددًا للمصالح العربية والإسلامية بتدخلها في اليمن من خلال أداتهم الرخيصة (الحوثيين) الذين استغلوا الضعف والتفكك ليكون لهم وجود في اليمن. هنا أدرك قادتنا - حفظهم الله - تلك المخططات المشؤومة؛ فجاءت عاصفة الحزم لتجهض أحلام الفرس وأمانيهم، وتحد من أطماعهم الإقليمية.

ومما يحسب للمملكة أيضًا الصبر والحلم والحكمة على السياسة الخرقاء لحكومة قطر مؤملة أن تعود إلى رشدها، وحين طفح الكيل كانت ردة الفعل قوية ومؤثرة؛ لعلها تؤوب إلى البيت العربي.

كل ذلك يعطي دلالة على أن الدبلوماسية السعودية تسير وفق خطط مدروسة، ونهج واضح، تتعامل مع الأحداث بذكاء وثقة مع الحرص على المصالح الداخلية، وإبراز الصورة المشرقة؛ ليراها العالم بأسره.

وهذا الإنجاز الذي يتحقق في المحافل العالمية، وهذه النجاحات السياسية والدبلوماسية التي يؤسسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتحركاته الفاعلة شرقًا وغربًا، ولقاءاته مع زعماء الدول المؤثرة، أعطت دروسًا للآخرين بأن السعودية عنصر مهم في تحريك زمام السياسة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، ولها ريادتها التي لا تخطئها العين. ولعل تحقيقها المركز الثاني بعد أمريكا في الدبلوماسية الإلكترونية يقدم أكبر مؤشر وأعمق دليل على الوعي الشمولي الكبير الذي تمتلكه القيادة السعودية. ومن شواهد ذلك تلك النجاحات المطردة في مكافحة الإرهاب، واجتثاث التطرف. كما أن المؤتمرات واللقاءات السياسية التي عُقدت على أرض السعودية بحضور زعماء عالميين تؤكد الفعل السياسي النابه، وتشير إلى الدبلوماسية الناجحة، وأن السعودية جادة في السعي لإحلال السلام ليسود الاستقرار الدولي الذي ينشده حكماء العالم؛ لتدرك إيران ومَن يسير في فلكها أن السعودية عازمة على مواصلة حراكها الدبلوماسي والسياسي وتوجهها العقلاني بما يخدم السلام العالمي.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org