انفتاح سعودي وجمود كندي.. الأزمة تراوح مكانها وخسائر أوتاوا تتضاعف

عزلة دولية وإحباطات داخلية تواجهها حكومة "ترودو" بتصلب أجوف
انفتاح سعودي وجمود كندي.. الأزمة تراوح مكانها وخسائر أوتاوا تتضاعف

محمد صبح

لا تزال الأزمة الدبلوماسية بين كندا والسعودية تراوح مكانها، دون مؤشرات على إمكانية التوصل إلى حل لها في المنظور القريب، ورغم أن الأزمة ليست مرشحة إلى مزيد من التصعيد، إلا أنها في الوقت نفسه تعاني حالة من الجمود؛ جراء امتناع أوتاوا عن تصحيح الخطأ الذي ارتكبته في التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، مستغلة في ذلك أوضاع عدد من الموقوفين قضائياً ممن أسمتهم "نشطاء المجتمع المدني".

تدهور المصالح
يكشف الجمود الكندي استهانة رئيس الوزراء جاستن ترودو بمصالح بلاده، وتعريضها لمزيد من التدهور، ولاسيما أن السعودية لم تفرض شروطاً تعجيزية لإعادة العلاقات إلى مسارها قبل الأزمة واكتفت بتصحيح الخطأ، ولقد عبر عن ذلك وزير الخارجية السعودي عادل الجبير معلناً أن "المملكة لا ترغب سوى تصحيح الخطأ الذي ارتكب من جانب كندا، وهذا بسيط، وليس هناك أي شيء آخر".

واعتدال السعودية، وعدم مغالاتها في مطالبها، وانفتاحها في الوقت نفسه على أفق للحل تبادر به كندا دون وساطة تجنباً لإطالة عمر الأزمة، والتزامها بعدم تعريض صادرات النفط إلى كندا لأي تغيير؛ أدى إلى عزل أوتاوا دولياً ولكن بشكل مطبق تفتقر فيه إلى صديق واحد، وهو ما عبرت عنه رايتشل كران مديرة السياسات في حكومة رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر، قائلة في تغريدة على حسابها في موقع "تويتر": "ليس لدينا صديق واحد في العالم أجمع، وهذا أمر ليس من فراغ".

تصلب أجوف
تصريح كران كمسؤولة كندية سابقة تخصصت في إدارة السياسات، يعكس حجم الضرر الكبير، الذي لحق بكندا على الساحة الدولية نتيجة السلوك الخاطئ لترودو ووزيرة خارجيته بالتدخل في شؤون السعودية، ثم التصلب الأجوف المفتقر إلى التبرير في مواقفهما من الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن ذلك، وعدم تحليهما بالمرونة الكافية لتدارك الخطأ وتصحيحه، كما يعبر تصريح كران عن كم الإحباطات الداخلية المتصاعدة التي يعاني منها غالبية الكنديين من سياسات ترودو الفاشلة، والتي أدت إلى هذه النتيجة السيئة مع السعودية، الشريك الاقتصادي المهم لكندا في العالم.

وتأييد دول العالم لا سيما أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، لموقف المملكة والإجراءات التي اتخذتها في الحفاظ على سيادتها ضد التغول الكندي، ينطلق من إجماع واسع على خطأ ترودو ووزيرة خارجيته في التدخل في شؤون السعودية، واستغلال قضية حقوق الإنسان في ذلك.

ورغم أن هذا التأييد الدولي الواسع للسعودية يكشف عن طبيعة التوجه الدولي من الأزمة، ويشكل في الوقت نفسه ورقة ضغط على كندا لتصحيح خطئها، إلا أن حكومة ترودو أدارت ظهرها للإجماع الدولي، وبالغت في تعنتها مفضلة التشبث بخطئها، رغم مقدرتها على حل الأزمة وتحسين العلاقات؛ ما سيضاعف خسائر كندا من الأزمة على المَدَيَيْن القريب والبعيد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org