الدوحة في مهب الريح.. "أردوغان" يصادر القرار القطري ويتلاعب بتنظيم الحمدين

دفعت 15 مليار دولار في صورة استثمارات كفاتورة إجبارية للوجود العسكري بأراضيها
الدوحة في مهب الريح.. "أردوغان" يصادر القرار القطري ويتلاعب بتنظيم الحمدين

لم يجد تنظيم الحمدين مفرًّا من الخضوع للتهديد والابتزاز التركي؛ فعليه أن يدفع فاتورة وجود القاعدة العسكرية التركية في الأراضي القطرية، وإلا كانت العواقب وخيمة؛ فأسرع التنظيم في سداد الفاتورة بالتمام والكمال، وذلك عندما قرر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، دعم الاقتصاد التركي بـ15 مليار دولار في صورة استثمارات جديدة وودائع وضمانات، وذلك خلال زيارته لأنقرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا، وانهيار سعر الليرة مقابل الدولار الأمريكي.

وفي التفاصيل، يرى محللون أن تركيا نجحت في تعزيز الشعور لدى قطر بأن الأخيرة مدينة لها بالكثير من الفضائل، وذلك عندما سارعت أنقرة بإرسال جنود لها إلى قطر في أعقاب قرار الدول العربية الأربع (المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية والبحرين ومصر) قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة بسبب دعم الدوحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وسارعت دول أخرى ـ آنذاك ـ بقطع علاقاتها مع الدوحة للسبب نفسه في تأكيد آخر لسلامة موقف دول المقاطعة، وأنها لم تبالغ في قرارها، ولم تتجنَّ على الدوحة.

وأوهمت تركيا تنظيم الحمدين بأن جنودها أنقذوا الدوحة من الانهيار الوشيك، وأنه لولا تدخل هؤلاء الجنود في الوقت المناسب لأصبحت الدوحة في مهب الريح، أو أنها تعرضت للاجتياح من قبل جيوش دول المقاطعة. ولم يلتفت تنظيم الحمدين إلى تأكيدات قادة الدول الأربع أنها لا تفكر مطلقًا في اجتياح الدوحة، وأنها اكتفت بالمقاطعة فقط، فضلاً عن تأكيد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأن مشكلة قطر "صغيرة جدًّا جدًّا جدًّا".

ويرى البعض أن أنقرة سوَّقت شائعة الاجتياح بشكل رائع في الداخل القطري، وصدقت الدوحة الشائعة، ثم صرخت بأعلى صوتها أنها دولة مستهدفة من جيرانها؛ لعل وعسى تكتسب تعاطف الدول الأخرى، وتجد من يصدق الشائعة معها.

وبحسب المحللين، فإن التحرك القطري نحو تركيا سيُدخل الدوحة في مشكلات ضخمة ومعقدة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي فرضت عقوبات بحق تركيا، كما فرضت عقوبات مماثلة بحق إيران، بيد أن قطر لم تعترف بهذه العقوبات، ورأت أن تعزز تعاملاتها مع "أنقرة" و"طهران" في تجاوز خطير للقرارات الأممية والأمريكية؛ وهو ما دعا الكثيرين لتأكيد أن التحرك القطري نحو تركيا سيكون بمنزلة المسار الأخير في نعش تنظيم الحمدين.

ويؤكد المحللون أن خطأ الدوحة هذه المرة يساوي مليون خطأ سابق، وذلك عندما فكرت في الدخول في تحدٍّ مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيًّا الذي يحارب الإرهاب في أكثر من بقعة في العالم؛ فالدوحة بالأمس أكدت أن علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع إيران مستمرة كما هي رغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها في أعقاب خروجها من الاتفاق النووي مع طهران.

واليوم تكرر الدوحة المشهد ذاته، وتعلن أنها ستقف بجانب تركيا في حربها الدبلوماسية والسياسية والتجارية مع واشنطن، وتقرر دعمها بـ15 مليار دولار في تحدٍّ ثانٍ للقوى العالمية، ستدفع الدوحة ثمنه قريبًا جدًّا.

ولا يستبعد المحللون أن يعيد ترامب حساباته تجاه قطر، ويدرك أنها دولة داعمة للإرهاب والإرهابيين، وأن دول المقاطعة كانت على حق عندما اتخذت قرار المقاطعة بالإجماع، وعندما رفضت كل الوساطات التي حاولت حل الأزمة الخليجية.

ويتساءل نشطاء عن تأثيرات الأموال القطرية على المنطقة، ويرون أن هذه الأموال تدمر الأمة العربية، ويقولون إنه بدلاً من أن تقوم الدوحة بدعم تركيا بـ15 مليار دولار كان من الأجدى أن تبحث عن دول عربية شقيقة، تعاني ويلات الحروب، وتقوم بدعمها وإنقاذ شعوبها. مؤكدين أن تنظيم الحمدين لديه أجندة، يعمل على ضوئها، وهذه الأجندة تلفظ كل معاني الأخوة والصداقة والمصير المشترك والدين الواحد، وتتجه صوب كل ما يقض مضاجع الأمة العربية والإسلامية. موضحين في الوقت نفسه أن الأموال القطرية ستنفد يومًا، وسيدرك عندها تنظيم الحمدين أنه مخطئ في حق نفسه أولاً، وحق دول الجوار ثانيًا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org