3 أنبياء و3 أماكن.."جمرات منى".. قصة ورحلة بين عمود وجدار وشروط

الدعاء حاضر في استقبال الكعبة وعند مشعر منى.."أيام تشريق والعدد سبعة"
3 أنبياء و3 أماكن.."جمرات منى".. قصة ورحلة بين عمود وجدار وشروط

اليوم في مشعر مِنى يرمي الحجاج جمرة العقبة الكبرى، وهي الجمرة الأقرب لمكة، وفي الأيام الثلاثة القادمة "أيام التشريق" يرمي الحجاج الجمرات الثلاث ؛ حيث يبدأ الحاج بالجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى "العقبة"، يرمي كل واحدة بسبع حصيات قائلاً مع كل رمية: "بسم الله، والله أكبر" ، ويدعو بعد كل جمرة ما عدا جمرة العقبة الكبرى، يرفع يديه مستقبلاً الكعبة ويدعو بما شاء.

ووقت الرمي للجمرة الأولى من وصول الحاج لمنى يوم العيد، أما أيام التشريق، فيبدأ الرمي من زوال الشمس "وقت أذان الظهر" إلى طلوع فجر اليوم التالي ولكن السنة بين الزوال والغروب.

والجمرات الثلاث عبارة عن أماكن في مشعر منى، يرمي الحاج في كل موضع سبع حصيات، والواحدة منها أكبر من حجم حبة الحمص وأصغر من حبة البندق، وكانت تلك الأماكن في صدر الإسلام أماكن لا يوجد لها معالم، ثم عمل عند كل موضع شاخص "عمود مربع" وحوض يحيط بالشاخص، ليدل على مكان الرمي.

وفي العهد السعودي، تم وضع جدار في كل مكان للرمي، ليكون عوضًا عن العمود المربع، وتم توسيع الحوض، كما عمل فوق تلك المواضع عدة أدوار وفي كل دور عمل جدار وحوض، لتتسع لأعداد الحجاج الكبيرة، فمن رمى في الحوض صح رميه سواء أصاب الشاخص "الجدار" أم لا.

وسميت أماكن الرمي الثلاثة جمرات ، نسبة للحصى الذي ترمى بها ، فالجمرات تعنى الحصى الصغار، وموضع الجمارِ بِمِنًى سمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمى بالجِمارِ"الحصى"، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا أَسرع؛ ومنه ما ورد في قصة آدم مع إبليس "إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه"، وفي الأثر لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، رماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ولهذا يظهر حكمة الاكتفاء في اليوم الأول بالعقبة حملاً لفعله مع آدم في هذا المقام، وفي الأيام الثلاثة تبعًا لإبراهيم، حيث وسوس له إبليس في المواضع الثلاثة، وبهذا يتضح وجه تكرير الجمرات في الأيام الثلاثة.

والمسلمون اليوم يرمونها اقتداءً بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام فقد رماها بهذه الكيفية وقال: "خذوا عني مناسككم خذوا عني مناسككم".

قال الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-: ذكر جمع من أهل العلم أن الحكمة في ذلك إهانة الشيطان وإذلاله وإرغامه وإظهار مخالفته؛ لأنه عرض لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أراه الله ذبح ابنه إسماعيل، ولكن من المقرر عند أئمة العلم أن الحكمة لابد أن تثبت بدليل واضح من كتاب أو سنة، فإن ثبتت فذلك نور على نور وخير إلى خير، وإلا فالمؤمن يتقبل شرع الله ويعمل به وإن لم يدر الحكمة والعلة في ذلك، مع إيمانه بأن الله سبحانه حكيم عليم، كما قال: "إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ" ، وقال سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"، فهو عليم بما يشرعه لعباده، عليم بما يقدره لهم، عليم بكل حادثة في المستقبل كما أنه عليم بكل ما وقع في الماضي. وله الحكمة البالغة في كل شيء سبحانه وتعالى، فإنه له كمال العلم وكمال الحكمة والقدرة، فلا يشرع شيئًا عبثًا أبدًا، ولا يفعل شيئًا عبثًا ،بل كل ذلك لحكمة بالغة وعلة عظيمة وغاية محمودة وإن لم يعلمها البشر، هذا هو الواجب على كل مؤمن أن يعتقد ذلك، فإن الله سبحانه هو الحكيم العليم فيما يقضيه ويقدره، وفيما يشرعه لعباده ،ومن ذلك: مسألة الرمي رمي الجمار.

وسميت الجمرة الكبرى جمرة "العقبة" لأنها كانت في أصل جبل والممر الضيق الوعر في الجبل يطلق عليه عقبة، جاء في معاجم اللغة "العقبة : الطريق الوعر في الجبل والجمع عقب ، وعقاب، وعقبات" ، فسميت جمرة العقبة نسبة لمكانها ، وكان الحجاج قديمًا يصعدون على الجبل ويرمونها أسفل الجبل، ولكن الجبل الملاصق لها أزيل في الوقت الحالي.

ويشترط في رمي الجمرات أن يكون المرمي به حصى ، وأن تقع في الحوض الدائري، وترمى مفرقة، أي يرمي واحدة بعد واحدة، ولا يصح أن يرمي السبع جميعًا بكف واحد، وإذا رمى السبع بكف واحد تعد له رمية واحدة، أما ترتيب رمي الجمرات فيبدأ من رمي الصغرى ، ثم الوسطى، ثم العقبة ولا يصح العكس.

والفرق بين رمي جمرة العقبة يوم العيد وبين رمي الجمرات الثلاث أيام التشريق أن الرمي لجمرة العقبة يكون لها وحدها يوم العيد، أما الرمي أيام التشريق فيكون للجمرات الثلاث، يبدأ ، بالجمرة الصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة بسبع حصيات لكل جمرة، أي مجموع ما يرمي الحاج واحد وعشرون حصاة في اليوم.

وهناك فرق آخر في توقيت الرمي، فوقت رمي جمرة العقبة يبدأ من وصول الحجاج لمنى بعد مبيتهم في مزدلفة ليلة العيد، فالضعفاء والمرضى وكبار السن ونحوهم ينصرفون من مزدلفة إلى منى بعد مغيب قمر ليلة النحر، فمتى وصلوا إلى جمرة العقبة جاز لهم رميها، أي أن رمي جمرة العقبة يجوز أن يبدأ بعد منتصف الليل من ليلة النحر وغيرهم ينصرفون من مزدلفة بعد طلوع الفجر، ورمي جمرة العقبة على الصحيح يستمر إلى فجر ليلة اليوم الحادي عشر.

أما وقت رمي الجمرات أيام التشريق فيبدأ من زوال الشمس من كل يوم من الأيام الثلاثة وهو وقت دخول صلاة الظهر وينتهي وقت الرمي إلى فجر اليوم التالي، والأفضل فعل الرمي قبل غروب الشمس لأنها عبادة والعبادة يستحب فعلها في أول وقتها ، ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله "خذوا عني مناسككم"، ويجوز الرمي ليلاً على الصحيح ولاسيما لمن كان له عذر مثل كبار السن والضعفاء والمرضى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org