جنودنا البواسل يستحقون أكثر..

جنودنا البواسل يستحقون أكثر..

ونحن نعيش أفراح عيد الفطر المبارك تذكرتُ إخوة لنا، اختاروا الرباط على الثغور مقامًا لهم، واختاروا الجهاد في سبيل الله وهم صائمون قائمون؛ فتذكرت قوله تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (23) الأحزاب.

وحين قرأتها تذكرتُ حالهم وهم على الحدود مرابطون، يذودون عن الوطن، ويقدمون أغلى ما يملكون؛ يقدمون أرواحهم دفاعًا عن الدين، وفداء للوطن.

تركوا الأهل، والصحب، والبيت، والراحة، والدعة، وارتدوا أشرف لباس يفخر الإنسان بارتدائه بعد الإحرام.. يمموا الحدود، وجعلوا الثغور دار قرارهم، وموطن راحتهم، ودعتهم؛ فافترشوا التراب، وتوسدوا أذرعتهم، لا ليناموا بل ليأخذوا سِنة، وتركوا لنا الفرش الوثيرة، ووسائد الريش؛ لننعم بها آمنين مطمئنين بإذن الله العلي القدير، وبفضله ثم بفضلهم.

صاموا تحت ظلال بنادقهم، يقاسون هجير الصيف؛ لننعم ببرودة "التكييف" وهدوئه.. يستنشقون غبار المعارك؛ لننعم بأفضل العطور، وأثمنها، وأزكاها رائحة.

يتبادلون المواقع تأدية لفريضة الصلاة فيصلون صلاة الخوف في قمم الجبال؛ لننعم بقيام الليل في أجواء روحانية هادئة آمنة في مساجد يغمرنا فيها "العود"، ويحفنا النسناس، ونختار من القراء من نخشع خلفه أكثر متنقلين بين هذا المسجد وذاك.

استقبلوا رمضان، وقضوه في مثل هذه الأجواء؛ لننعم به متنقلين بين صيام مريح، وقيام أكثر راحة، وأجواء ملؤها الأمن والأمان، والطمأنينة، والهدوء، والراحة، والروحانية.

يستقبلون العيد استعدادًا لأكثر المعارك قوة وشراسة؛ وهذا يتطلب منهم جهدًا أكبر، وعناء أكثر، وتعبًا أعظم؛ لننعم باستقباله بسعادة، ويُسر، وسهولة.. نقضي حوائج أهلنا متنقلين بين هذا السوق وذاك بكل أمن، وطمأنينة.. ونقضي العيد متنقلين بين أرجاء الوطن آمنين مطمئنين بفضل من الله، ثم بفضل هؤلاء البواسل الذين نذروا أرواحهم فداء للدين ثم للوطن والملك؛ فلهم منا الدعاء الصادق بأن يتقبل الله جهادهم، ويثبِّت على الحق أقدامهم، وينصرهم على أعدائهم، ويعلي راية التوحيد خفاقة فوق كل أرض وتحت كل سماء.

ولهم منا الوقوف إجلالاً، واحترامًا، وتقديرًا، واعترافًا بفضلهم بعد فضل الله علينا، والوقوف معهم صفًّا كالبنيان المرصوص للذود عن الوطن، وبقاء شوكة الإسلام عزيزة ببقاء قِبلته آمنة مطمئنة تحت قيادتنا الرشيدة - يحفظها الله ويرعاها -.

ولهم منا العهد بأن نحافظ على بيوتهم، ونخدم أهلهم، ونرعى أبناءهم، وأن ندافع عن حقوقهم، ونغمرهم بدعائنا في صلاتنا، ووقت فطرنا، وفي قيامنا.

وهذا واجب على المجتمع كله بأفراده، ومؤسساته الحكومية والمدنية.. وهذا أقل واجب يقدَّم لهؤلاء الأبطال الذين حملوا الأمانة، وفازوا بشرف الجهاد. ونسأل الله أن يفوزوا بشرف النصر. وأما من فاز بشرف الشهادة فنسأل الله العلي القدير أن يتقبله شهيدًا، وأن ينزله منزلة الصديقين والشهداء في الفردوس الأعلى من الجنة.

ففعلاً هؤلاء الأبطال {... صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}؛ ويستحقون منا أكثر وأكثر وأكثر.. وأقل ذلك أن نطلق وسمًا (جنودنا_البواسل_يستحقون_أكثر)، وأن نوصله لـ"الترند".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org