الدعم السعودي لإعمار العراق يكشف الوجه الخبيث لإيران ومخططها الطائفي

طهران تناقض نفسها وترفض مساعدة بغداد
الدعم السعودي لإعمار العراق يكشف الوجه الخبيث لإيران ومخططها الطائفي

مرة أخرى تثبت المملكة العربية السعودية أنها حريصة على مستقبل العراق وشعبه، وعودته إلى حضنه العربي، قوياً شامخاً كما كان، وقد تجسد هذا المعنى عندما أعلنت المملكة عن تخصيص 1.5 مليار دولار لمشاريع تصب في إعادة إعمار العراق، الذي دمرته الحروب والعمليات الإرهابية والفتنة الطائفية. وجاء قرار التخصيص على هامش مؤتمر إعمار العراق، الذي اختتم في الكويت أمس، ورعته الأمم المتحدة، وحضره ممثلون من الدول العربية والغربية. في مقابل ذلك، رفضت إيران التي شاركت في المؤتمر بوزير خارجيتها جواد ظريف، إعلان أي التزام بمساعدة بغداد، وهو ما يتناقض مع التصريحات الإيرانية المتوالية بشأن مساعدة كل الدول العربية الصديقة لها، ومن بينها العراق.

وأعلن وزير الخارجية عادل الجبير عن تخصيص الـ1.5 مليار دولار لمشاريع إعادة إعمار العراق. وقال في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر إن المملكة ستخصص مليار دولار لإعادة الإعمار في العراق عن طريق الصندوق السعودي للتنمية، و500 مليون دولار لتمويل الصادرات السعودية للعراق.

وكانت العراق تعول على مؤتمر المانحين بأن يثمر عن جمع نحو 88 مليار دولار، وهو المبلغ الذي حددته الحكومة العراقية لإعادة إعمار البلاد، بعد نجاحها في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمركز في بعض مدن العراق، بيد أن ما تم جمعه لم يتجاوز 30 مليار دولار، عبارة عن منح ومساعدات وقروض واستثمارات أعلنت عنها الدول المانحة في المؤتمر وتعهدت بها.

مزاعم طهران

وينفي الدعم السعودي السخي للعراق كل الشائعات والتكهنات والتقارير الإيرانية، التي انتشرت في الأيام الماضية، وادعت طهران من خلالها بأن المملكة اشترطت للمشاركة في إعادة إعمار العراق أن تقلص بغداد علاقاتها مع إيران، وأن تعمل على تعزيز مكانة السنة العراقيين على حساب الطائفة الشيعية، وهو ما وصفه محللون بأنه محاولة إيرانية جديدة للإيقاع بين الرياض وبغداد وإثارة الفتنة بينهما، بعد التقارب الكبير بين البلدين في الفترة الماضية، وأسفرت عن قيام رئيس الوزراء العراقي العبادي بزيارة المملكة مرتين، وعقد جلسات مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويؤمن المحللون بأن عدم تعهد طهران بتقديم أي مساعدات لإعادة إعمار بغداد كشفت عن وجهها القبيح، ونياتها الخبيثة بأن تدمر العراق، وترسخ الفتنة الطائفية في مدنه، وهو ما يخدم أجندة إيران السياسية في المنطقة، بأن يكون لها اليد الطولى في دول الجوار، وتتحكم فيها عن طريق ميلشياتها المنتشرة في المنطقة.

مستقبل العراق

وكانت علاقات المملكة والعراق قد شهدت توتراً وجموداً على مدى أكثر من ربع قرن، على وقع قيام العراق باحتلال الكويت، وتهديد دول المنطقة بإثارة القلاقل والاضطرابات، ورغم ذلك، كانت المملكة حريصة طيلة هذه السنوات على مستقبل العراق، ووحدته وسلامة شعبه، مؤكدة على الدوام أن ما يربطها بالعراق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة، وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد. وهو المضمون الذي أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما استقبل حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي في وقت سابق من العام الماضي، وتوجت الزيارة بتوقيع مذكرة تأسيس المجلس التنسيقي بين البلدين. وقال العبادي أثناء الزيارة: "نعبّر عن ارتياحنا البالغ لتطور العلاقات بين بلدينا الشقيقين الجارين، والمجلس التنسيقي الأول العراقي السعودي هو ثمرة الجهود والنوايا الطيبة المشتركة التي تعبر عن توجهنا وسياستنا والتي لمسناها في نفس الوقت من أشقائنا في المملكة وبالأخص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

انزعاج طهران

وتنزعج إيران من التقارب بين الرياض وبغداد، وهو ما يجعلها حريصة اليوم أكثر من أي وقت مضى على ابتكار الطرق ووضع الخطط التي تسهم في التباعد بين البلدين العربيين، وهو ما يفطن له مسؤولو البلدين، ويؤكدون أن العلاقات بين المملكة والعراق أخوية وأبدية، ولا مجال للنيل منها، خاصة وأن المصير المشترك هو الذي يهيمن على العلاقة بين البلدين.

وقد تجسدت العلاقات بين المملكة والعراق، عندما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، دعم المملكة لوحدة العراق وأمنه واستقراره، وأهمية تمسك جميع الأطراف بالدستور العراقي، لما في ذلك من خير العراق وشعبه، في إشارة إلى استفتاء كردستان العراق للانفصال. حيث جدد خادم الحرمين في اتصال هاتفي مع العبادي دعم المملكة لوحدة العراق، ورفضها نتائج الاستفتاء، وقال - يحفظه الله- "إن المملكة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في كركوك، خصوصاً وأن العراق قد حقق انتصارات ملحوظة ضد الإرهاب". كما جدد الملك سلمان دعوة المملكة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، ومعالجة الأزمة الحالية من خلال الحوار، لتجنيب العراق الشقيق مزيداً من الصراعات الداخلية. ومن جانبه، أشاد العبادي بموقف خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بأمن واستقرار العراق، وأكد حرص الحكومة على تفادي أي تصعيد عسكري، واستتباب الأمن في جميع الأراضي العراقية.

ويرى المحللون أن العلاقات بين السعودية والعراق آخذة في التطور والنضج يوماً بعد آخر، وأن الأيام والشهور المقبلة كفيلة بالكشف عن حقيقة صلابة هذه العلاقات وقوتها، مشيرين إلى أن المملكة أخذت عهداً على نفسها، بأن تقف بجانب جميع الدول الشقيقة، حتى تتجاوز محناتها، مؤكدين أن العراق في مقدمة هذه الدول.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org