دموع صديقي العربي.. تعلمتُ منها الكثير

دموع صديقي العربي.. تعلمتُ منها الكثير

حملتْ مشاريع مدينة الرياض الأربعة، التي دشَّنها الأسبوع الماضي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله ـ، رسائل مهمة إلى الداخل والخارج، أبرزها أن رفاهية المواطن السعودي في مقدمة أولويات الحكومة الرشيدة في المرحلة المقبلة، فضلاً عن التشديد على أن مشاريع رؤية 2030 "غير تقليدية"، سواء في آلية تنفيذها أو أهدافها أو تطلعاتها المستقبلية.

تابعتُ عن كثب ـ كغيري ـ تفاصيل المشاريع، وهوية كل منها، وطبيعة الأهداف التي تسعى لتحقيقها على أرض الواقع، وشعرت بالسعادة الغامرة وأنا أنتقل من مشروع إلى آخر، ليس لضخامة الاستثمارات الداخلة فيها، أو لمردودها الاجتماعي والاقتصادي، ولكن لأن تلك المشاريع لم تكن بطلب مسبق من المواطنين، وإنما جاءت بمبادرات من ولاة الأمر لتطوير العاصمة الرياض، وتسجيلها ضمن المدن العالمية التي تتميز بالجمال والهدوء والراحة النفسية.

بجانب السعادة الغامرة شعرت بـ"الفخر"؛ كوني سعوديًّا، عندما تابعت تعليقات نشطاء غير سعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي، يطالبون حكومات بلادهم بمحاكاة آلية تعامل السعودية مع شعبها، وحرصها على إعداد مفاجآت سارة لهم، وإعلانها فترة بعد أخرى، لتأكيد أن هناك من يعمل على إسعاد هذا الشعب، وتوفير احتياجاته. وقد وصل الأمر ببعض هؤلاء النشطاء لإطلاق أمنياته بأن يكون "مواطنًا سعوديًّا"، يعيش على أرض السعودية، وينعم بخيراتها.

في الأسبوع الماضي ودعتُ صديقًا من جنسية عربية، عاش في السعودية نحو ربع قرن، وأخيرًا قرر الرحيل النهائي عنها دون رغبته. استمعت إلى عباراته الودية التي أراد أن يقولها في حق السعودية وولاة أمرها. قال بالحرف الواحد: "بدون رغبتي سوف أغادر السعودية التي أشعر بأنها وطني الأول؛ لأبدأ رحلة غربة في وطني الأصلي". ثم أجهش في البكاء عندما شعر بأنه ربما لن يتمكن من العودة للمملكة مجددًا، والاستمتاع بعمرة رمضان في المسجد الحرام، وزيارة مسجد الرسول الكريم بالمدينة المنورة، قبل أن يؤكد لي أنني بوصفي مواطنًا سعوديًّا أنعم بوطن غير كل الأوطان، وولاة أمر يبحثون عن كل ما يجلب السعادة لمواطنيهم، وينفذونه على الفور، دون طلب مسبق.

وفي نهاية الحديث أكد صديقي وهو يبكي بحرقة أنه يتمنى ألا يغادر السعودية أبدًا إلى أن يتوفاه الله في أراضيها، ونبهني إلى أمر مهم، أن المواطن السعودي يعيش في نِعَم الله الكثيرة دون أن يشعر بها، ولكن أذا أراد أن يشعر بتلك النعم فعليه أن يسأل عنها المقيم الذي يستطيع أن يجيبه عن سؤاله بوضوح تام.

تأثرت كثيرًا بحديث صديقي العربي، وراجعت ما قاله لي، وأدركت أنه على صواب تام، خاصة فيما يتعلق بأهمية أن يدرك المواطن حجم النِّعَم التي يعيش فيها، ويدرك حجم الجهد والتعب الذي تبذله حكومة خادم الحرمين الشريفين لإسعاد شعبها، وتوفير كل سُبل العيش الكريم له.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org