يكتسب مسجد الجمعة مكانة خاصة في التراث الإسلامي؛ وبين محبي وزائري المدينة المنورة، فقد ارتبطت نشأته بهجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنـورة، التي وصل إليهـا يـوم الاثنين 12 من ربيع الأول من العام الهجري الأول.
وفي الحلقة الثالثة من زاوية "سبق" التي تطلق فيها معالم المدينة المنورة ، وفي أول جمعة من شهر رمضان المبارك لهذا العام 1440هـ تتناول "سبق" مسجد الجمعة الذي أقيمت به أول جمعة في الإسلام بعد وصول النبي صلى الله عليه والسلام إلى المدينة المنورة.
يقول التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة المهندس حسان طاهر المدير إمسجد الجمعة يعرف بمسجد الوادي نسبة إلى وادي الرانوناء كما يعرف بمسجد عاتكة، ويقع إلى يمين الآتي من مسجد قباء، وقد بني هذا المسجد في منازل قبيلة بني سالم بن عوف.
وأضاف المهندس طاهر أنه عندما نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قباء مكث فيها أيامًا وأسس مسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام، فلما كان يوم الجمعة ركب عليه الصلاة والسلام بأمر من الله تعالى وسار براحلته القصواء حتى إذا وصل إلى ديار بني سالم ين عوف فاعترضه عتبان بن مالك وعباس بن عبادة فامسكا بخطام القصواء وقالوا انزل فينا يا رسول الله، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة".
وأفاد طاهر أن صلاة الجمعة أدركته وهو في وسط الوادي وادي الرانوناء في ديارهم فصلى بهم أول جمعة في الإسلام في هذا الموضع، فسمي بمسجد الجمعة، ثم تابع النبي صلى الله عليه وسلك مسيرته حتى أتى بيت أبي أيوب الأنصاري.
وأشار إلى أن المسلمين اهتموا بمسجد الجمعة واعتنوا به عناية بالغة, فجدده عمر بن عبدالعزيز مرة ثانية عندما كان واليًا للمدينة, ثم جدد مرة أخرى في العصر العباسي عام 155هـ , وتوالى اهتمام الحكام والسلاطين على مر التاريخ حتى توج المسجد بعمارة متناسقة وفق تصميم هندسي جميل ومساحة مضاعفة عدة مرات وخدمات متكاملة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله.
وتابع المهندس طاهر قائلاً: قد تشرف مسجد الجمعة بمكانة تاريخية عالية في قلوب المسلمين, كونه الموقع الأول الذي تمت فيه صلاة الجمعة لأول مرة في الإسلام, وكونه أحد أهم محطات طريق الهجرية النبوية التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم.
وبين طاهر أن مسجد الجمعة يقع جنوب غرب المدينة المنورة، في بطن وادي رانوناء شمال مسجد قباء، ويبعد عنه مسافة 900 متر تقريباً، كما يبعد عن المسجد النبوي حوالى خمسة كيلومترات، ويطيب لزائره الآن أن يؤدي نسكه ونوافله بكل أريحية في المسجد بعد أن تضاعفت مساحته عدة أضعاف في العهد السعودي الزاهر.