تعرّف على قصة بناء المنتخب الألماني .. كيف تحول بطلاً لكأس العالم بعد تلقي الخسائر الكبيرة؟

تعرّف على قصة بناء المنتخب الألماني .. كيف تحول بطلاً لكأس العالم بعد تلقي الخسائر الكبيرة؟

الناجحون هم من يستفيدون من دروس الحياة، والتجارب الفاشلة هي لَبِنَات مميزة لبناء جديد ونجاح في المستقبل.

بعد خسارة الأخضر السعودي من نظيرة الروسي بخمسة أهداف في افتتاح بطولة كأس العالم شعر الجميع بألم وخذلان اللاعبين للطموحات التي علّقها عليهم الشارع الرياضي السعودي، مما دفع رئيس هيئة الرياضة والشباب المستشار تركي آل الشيخ إلى تصريح قوي أعلن فيه تحمله أسباب الخسارة إلى جانب اللاعبين رغم أنه لا يقع عليه أي لوم نظير ما قدّم لهم وللمنتخب بشكل عام وما سُخّر له من إمكانيات.

وقد وعد آل الشيخ بالعمل والإعداد لمنتخب قوي ينافس على كأس العالم، وهذا يذكرنا بقصة بناء منتخب ألمانيا حتى حقق كأس العالم .

هذه القصة كتب عنها الكاتب "متعب العبيوي" في حسابه على تويتر نقلاً عما نقله الكاتب" ذكرها الكاتبRaphael Honigstein" والذي ذكر أن بطل القصة هو المدرب ديتريش ويز Dietrich Weise " ‏والذي يعتبر الجندي الخفي الذي كان خلف بناء جيل من الشباب خلال ١٥ سنة حققوا فيها كأس العالم في٢٠١٤.

ويذكر الكاتب تفاصيل كثيرة اختصرها" العبيوي" في تغريدات عدّها جاء فيها:

خلال السبعينات ميلادي لاحظ ديتريش مشكلة: أن فريق الناشئين لم يربح أي بطولة؟ ولا حتى الوصول لأي نهائي. !!

بعد التحري اكتشف أن هيئة كرة القدم الألمانية تعاني من المجاملات في اختيار فريق الناشئين.

وبعد تعيينه مدرباً لفريق الناشئين لفريق ألمانيا الغربية عام ٧٨م، ديتريش انطلق في مهمة البحث عن أفضل اللاعبين في أماكن لم تكن من اهتمام هيئة كرة القدم الألمانية ولا ممثليها.

فكانت المهمة صعبة لكن كان يسافر في أنحاء ألمانيا الغربية ويحضر مباريات بدون أي سابق تنسيق، وخلال المباراة كان يكتب أسماء اللاعبين وملاحظاته عنهم، وهذا الأمر ساعده على تكوين فريق متكامل.

لم يكن في ذلك الوقت تسجيل الفيديو متاحاً، ومعظم المباريات كانت تقام يوم الأحد، ولكي يجمع أكبر قدر من المعلومات، عيّن معه مساعدين في مهمة البحث عن المبدعين ليتم تغطية أرجاء ألمانيا الغربية كاملة.

والغريب كان يخفي عن المساعدين اهتمامه في بعض اللاعبين ويطلب منهم تقارير عن أكثر من لاعب حتى لو كان اهتمامه في لاعب واحد في الفريق. والسبب في ذلك رغبته أن يسمع منهم بكل وضوح لأنهم في الميدان أقرب منه.

جمع فريق لا يعرف له أي إنجاز سابق وكانت الصحافة غير مهتمة بهذا الأمر، لكن الفريق هذا فاز في بطولة اوروبا لسن تحت ١٨ عاماً في عام٨١م . وفي نفس السنة فاز بكأس العالم للشباب في أستراليا.

‏٥ من اللاعبين الناشئين كانوا من ضمن الفريق الأول لألمانيا الغربية الذي حقق كأس العالم في عام ٩٠ م.وكان أول حصاد لديتريش من بناء جيل الشباب الذي ينافس على كأس العالم.

غادر ديتريش منصبة ٨٣ م لتدريب فريق FC Kaiserslautern وبعدها ‏فريق Eintracht Frankfurt

في عام ٩٦م أقنع مدرب الفريق الوطني Berti Vogts رئيس هيئة كرة القدم الألمانية Egidius Braun ‏على تسريع التطوير في استقطاب الناشئين ولكن الأندية كانت غير مهيأة للتطوير بشكل احترافي وكانت ترفض التدخل في شغلها.

في عام ٩٦ تواصل Braun مع المدرب ديتريش ‏وأخبره أن ألمانيا ستنافس على استضافة كأس العالم في ٢٠٠٦م ولابد يكون عندنا فريق ينافس. وطلب منه خطة وطنية كاملة كيف يصنعون فريقاً خلال ١٠ سنوات ينافس على كأس العالم.

خلال ٩ شهور زار المدرب ديتريش والفريق معه مقاطعات ألمانيا واجتمع مع الأندية ومراكز الشباب. وبعد التحري، اكتشفوا أن المراكز والأندية تعاني من قلة الإمكانيات التي تساعد على استقطاب الشباب في سن١٢-١٧ ‏وفي ربيع ٩٨م ديتريش أخبر Braun أن الخطة الوطنية لتطوير الرياضة تحتاج مليون يورو.

طارت عيون Braun وقال: من أين أجلب لك المال؟ ورفضت هيئة كرة القدم الألمانية المبلغ والخطة.

بعد خسارة ألمانيا في الربع النهائي مقابل كرواتيا ٣-٠ بشكل كارثي عام ٩٨. قررت هيئة كرة القدم الموافقة على الخطة الوطنية لتطوير الرياضية بشكل عاجل ورفع مبلغ الدعم.

الخطة الوطنية كانت تتمثل في إنشاء ١٢١ مركزًا إقليميًا والتي ستوفر ساعتين من التدريب الفني الفردي لـ 4000 لاعب تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عامًا ، مرة واحدة في الأسبوع.

‏وأيضاً تدريب ١٠٠٠٠ طفل تحت سن ١٢ لبناء الجيل القادم في الرياضية الألمانية.

المدرب ديتريش وفريقه سافروا حول ألمانيا للبحث عن أفضل الأماكن لبناء ١٢١ مركزاً مع الاستفادة من المراكز الموجودة. وتوظيف المدربين وتقديم الدعم المالي لوقود السيارات للآباء ليوصلوا أبناءهم لمراكز التدريب.

بعد هزيمة المنتخب الوطني الألماني في يورو 2000، الشعب الألماني كان يطالب بالإصلاح، خاصة بعد منح استضافة كأس العالم 2006 بألمانيا . لكن لم يكن يعرفون عن الخطة الوطنية لتطوير الرياضية لأن الإعلام لم يسلط الضوء عليها.

في أول مؤتمر أقيم للمدربين يقول المدرب ديتريش: "الناس تحب أن تتحدث عن تطوير الرياضية لجيل الشباب، لكن إذا جاء وقت التنفيذ لا تجد من ينفذ".

في عام ٢٠٠١ أصدرت هيئة كرة القدم قراراً إلزامياً على الأندية ١٨ الكبرى بناء مراكز لتطوير الأداء بحلول عام ٢٠٠٢م.

استثمرت الأندية الألمانية مجتمعة 114 مليون يورو في تطوير مواهب الشباب .طبعاً استقلت الأندية بشكل جزئي عن هيئة كرة القدم الألمانية قبل الاستثمارات . وارتفع عدد مراكز التطوير إلى ٣٦٦ مركزاً .عدد المراكز ساعدت ١٣٠٠ مدرب لتقديم التدريب ولو لمرة واحدة لأكثر من ٦٠٠ ألف لاعب في السنة.

في عام ٢٠٠٤ ركزت هيئة كرة القدم الألمانية على الاهتمام وزيادة المنافسة في الدوريات تحت درجة الممتازة وأيضاً إصدار شهادات خاصة للمدربين لضمان مستوى موحد من الكفاءة. المدرب ديتريش تقاعد عام ٢٠٠١ لكن الخطة استمرت، وفي عام ٢٠١٤ تحقق الحلم وفازت ألمانيا بكأس العالم.

يقول المدرب ديتريش بعد ما فازت ألمانيا بكأس العالم " ١٠ من لاعبي المنتخب كانوا ثمرات الخطة الوطنية .لو لم يكن لدينا مراكز تدريب فإننا لا يمكن أن نشاهد Toni Kroos كلاعب اليوم في المنتخب."

وأخيراً ذكر الكاتب "العبيوي" أن المستفاد من القصة أن الخطط طويلة المدى تحتاج وقتاً.

وأضاف: أكاد أجزم أن نفس الخطة الوطنية قابلة للتطبيق في التعليم، أو أي مجال نحبّ أن نركز عليه لمستقبل المملكة و ⁧#رؤية_2030⁩ . وأتمنى من كل قلبي أن نرى خططاً وطنية في التنمية والتعليم وخاصة في البرمجة لأنها مستقبلنا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org