تأجيل الدراسة برمضان

تأجيل الدراسة برمضان

بالرغم من إعلان وزارة التعليم استفتاء حول المواعيد المقترحة لبدء اليوم الدراسي وانتهائه خلال شهر رمضان تسهيلاً منها على الطلبة، وبالرغم من أنها حددت الدوام بما لا يتجاوز 3 و4 ساعات، وبالرغم من أن الدراسة بالمراحل كافة لا تزال قائمة على (التعليم عن بُعد) بفعل الموجة الثانية لجائحة كورونا، إلا أن القلق لا يزال يساور أولياء الأمور تجاه مستقبل أولادهم، خاصة الحرمان للغياب بالمرحلة الثانوية بفعل تأثير الطقوس والأجواء الروحانية على مواعيد نومهم وساعاتهم البيولوجية!

حسنًا، حتى لو ناسبك بدء الدوام للمرحلة الابتدائية عقب السحور فإنك ستكون مضطرًّا لقبول وقت آخر لبدء دراسة مرحلتَي المتوسط والثانوي؛ وبهذا ستنشغل زوجتك المصون (أم العيال) بتعليمهم بالمنصة على حساب تجهيز وجبة الإفطار الشهية!!

هنا سيطلُّ أحد (المتفذلكين) قائلاً: أنتم ما همكم إلا بطونكم! ومع أن المقولة صائبة نوعًا ما إلا أنه يمكن قياس عمل الأم هنا بعمل المعلم أو المعلمة كموظف حكومي -وإن كانت لا تتقاضى نظير جهدها راتبًا أو حتى مكافأة- حيث لا يصح تشغيلها سخرة ساعات تفوق في مجملها سقف ساعات العمل برمضان، سواء للقطاع الحكومي 5 ساعات، أو للقطاع الخاص 6 ساعات؛ إذ ستعمل (الأم) بالمنصة ما إجماليه 7 ساعات في اليوم، بجانب عملها كربة منزل؛ وهذا ظلم وهدر لإنسانيتها!!

هذا بخلاف أن التعديل بمواعيد الدوام بالمدارس بشكل مطلق، وعلى حسب المزاج، سيُخرجه من نطاق العمل المدروس والمقنن، وقد تشوبه الفوضى واللامبالاة من جهة الطلاب، فيما يحتفظ المعلمين من جهة أخرى بصرامتهم نفسها، وتقويمهم بالأوضاع الطبيعية؛ لهذا حصرت المادة 12 من اللائحة التنفيذية للموارد البشرية بالخدمة المدنية صلاحية الوزير المسؤول عن تعديل مواعيد ساعات العمل بما لا يتجاوز ساعتين، سواء بتقديمه أو تأخيره.

ولا أعرف ما هو مستند وزارة التعليم لخلق هذا الاستفتاء! كل ما أعرفه أن التعديل بمواعيد الدراسة برمضان في حدود النظام سيكون مرهقًا جدًّا، وقد ينتج منه تدنٍّ بنسب مواظبة الطلبة، وقد تصل الكثير منها للحرمان من المادة، خاصة بالمرحلة الثانوية؛ وهو ما قد يخلق مشاكل أسرية، ترفع من معدلات الخلع والطلاق - وهي أساسًا ما هي ناقصة - شبيهة بالمشادات التي نلاحظها أمام الباعة قبل الإفطار، وقد ينتج منها قصور كبير بأداء الفرائض من صيام وتراويح وقيام، وهو الشهر الذي نغتسل فيه من الخطايا، ونرجو العتق من النار، وندعو طوال العام (اللهم بلِّغنا رمضان)!

لهذا أجدني أوافق الرأي الإنساني الذي يوصي بتأجيل الدراسة برمضان؛ ليكون إجازة خاصة بهذه الظروف الصحية الاستثنائية، وتُستأنف بعده المدة المتبقية التي لا تتجاوز شهرين، خاصة أن حرارة الصيف لن يكون لها أي تأثير في ظل استمرار التعليم عن بعد، خاصة أن العالم يحتفل هذه الأيام بـ(عيد الأم)، ومن الذكاء إراحتها وتفريغها للمطبخ؛ لنأكل مما لذ وطاب!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org