الشكشكة؟!!

الشكشكة؟!!

الشكشكة هي عبارة عن حركات الشباب أو الفتيات وهم يتمايلون ويرقصون على أغاني (موسيقى صاخبة)، عربية كانت أو غربية، مستخدمين إيحاءات وحركات دخيلة على مجتمعنا؛ فتارة تجدهم في المهرجانات الترفيهية أو الوطنية أو في الطرقات والشوارع العامة يلفتون انتباه المارة، وتارة أخرى تجدهم في سياراتهم يرفعون أصوات الأغاني، ويرقصون بشكل لافت للانتباه، معتقدين أن سلوكهم يعكس مدى تحضرهم، لكنهم في الحقيقة يشوهون صورتهم، ويُدخلون أنفسهم في دائرة الشُّبه والشذوذ الأخلاقي، وذلك بحركات ورقصات "شكشكة" خادشة للحياء، تجعل الرجل يهز خصره وطوله وعرضه!! أليس هذا فقدانًا لرجولته؟!! كذلك ما نراه من الرقصات الساقطة "الفاضحة" على طبق قلة الحياء و"الميوعة" للبنات أثناء الخروج من نوافذ وفتحات السيارات ضاربات بذلك كل قيمنا الإسلامية وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية عرض الحائط، غير مباليات بالعواقب الوخيمة التي قد تنجر عن ذلك، وتعود على المجتمع السعودي "المحافظ" بالوبال الشديد. فهذه التصرفات "الشكشكة" مرفوضة ومؤثمة، وقد تدخل من باب التحريض على الفاحشة في مكان عام علنًا كالفعل الفاضح؛ لأنها إذا كانت خادشة للحياء –حسب العرف- فهي تأتي بالتجريم.. و"العرف" يُعتبر مصدرًا من مصادر القانون.

لذا لا بد من تشديد الرقابة حول تلك التصرفات من قِبل الأُسر والجهات المعنية، وسَن القوانين (الأنظمة) الرادعة في ذلك؛ ليتم وقف تلك التصرفات؛ لأنها تسيء إلى الشخص، وتسيء إلى الأسرة والمجتمع بجميع أطيافه؛ فالشاب السعودي "العربي" عُرف برجولته وشجاعته، والفتاة السعودية عُرفت بأنوثتها وعفتها.. لقد أصبحت هذه "التصرفات" عادات غريبة على مجتمعنا، وهي رقص الشباب والفتيات في الشوارع والطرقات العامة وأمام المارة، وخلع جلباب الحياء.. وهذا ما يجعلنا نقف قليلاً عند تلك التصرفات التي ابتعدت كل البُعد عن العادات والتقاليد، وعن الشريعة الإسلامية التي تتنافى معها تلك الأفعال التي تخدش الحياء والذوق العام من خلال القيام برقصات في الشوارع العامة بدون حياء ولا مروءة، ولا حتى ذرة من خجل (مش هامهم)؟!! لأننا أصبحنا نتساهل في نقل واستنساخ ثقافات وعادات مرفوضة في مجتمعنا.. وحتى في المجتمعات "الأم" لهذه الثقافات تجد معارضة شديدة لبعض هذه الممارسات؟!!..

هنا يجب "التوقف طويلاً"، وأن يكون هناك توازن بين ثقافة الآخر والحفاظ على ثقافتنا، وتجنب كل ما ينافي سلوكيات وعادات وتقاليد مجتمعنا، وأن نعمل على تفعيل مبادئ ثقافتنا في حياتنا اليومية، وأن ينعكس ذلك على سلوكيات المجتمع؛ لأنه أساس كل الحضارات؛ لأننا أصبحنا نشاهد في الآونة الأخيرة ما يندى له الجبين من أحداث قد نفرت منها الأخلاق، من قضايا أخلاقية (هنا.. وهناك)، ورقص يستحي منه النساء قبل الرجال، وسلوك لم نعهده من قبل، وتصرفات غير لائقة في مجتمعنا السعودي العربي الإسلامي.. عبر هذا التقليد الأعمى للغرب والمشاهير في الجوهر والمظهر. فالظهور بالرقص والإثارة والإيحاء ستكون عواقبه وخيمة على الشباب والفتيات في ظل البطالة.. ورواد هذا العمل "الخليع" أصبحوا أشهر من بعض الشخصيات العلمية والثقافية عندنا.. ومثل هؤلاء وبال على المجتمع السعودي، ويشكلون إساءة له.. هل أصبحنا مجتمعًا أجوف الفكر؟ فاقد المبادئ؟ يسعى خلف الترهات والتفاهات؟ هل أصبحت عقولنا هباء، وآذاننا رقصًا وغناء؟ وأعيننا لا ترى إلا شبابًا وفتيات مائلين في الطرقات؟!!..

نعم، نحن مجتمع قابل للتغير، بل إن التغير سُنة من سنن الله تعالى في الكون، والمجتمعات كيانات بشرية متحركة "تتغير" بتغير الزمان والمكان، وليست جامدة.. لكن ما نشاهد من خلال ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يتم ضبطه من قِبل رجال الأمن، يجعل الوِلدان شيبًا، ويُظهر اللبيب أحمق في عجزه عن إيجاد وسيلة مضادة لهذا الزحف اللاأخلاقي على بعض شبابنا وفتياتنا، ويجعل كل فرد منا مرتبكًا، غارقًا في حيرته، بعد استنفاده كل الحيل التي فشلت في إيجاد حل فردي لهذا الخطر المحدق بشبابنا وفتياتنا، الذي زحف بشكل مريع، وامتدت شرارته إلى أن طالت أسرنا؟!!.. لا نريد التقليد الأعمى للحداثة؛ لأننا غلونا في مفهوم الحداثة. لذلك يجب أن نفعِّل دور الرقابة الذاتية والأسرية، وحزم الجهات "الرقابية" ذات الصلة بالضبط وإصدار العقوبة، وأن نضع حدًّا لما يمس تراثنا وتقاليدنا المقدسة، كما يجب أن نمنع الاستهزاء بعقولنا واستغلال الحداثة المبطنة؛ فإن الحداثة لها مفهوم مغاير تمامًا عندما يتم تداوله لدى البعض. ولعل المتابع والمراقب بدقة للأحداث وتطورها في مجتمعنا في الآونة الأخيرة في كل من مجالس (صالونات) نسائنا ومدارس بناتنا وكلياتهن وجامعاتهن، وما يحدث فيها من توجه فكري مخيف نحو الانسلاخ من العادات والتقاليد في مجتمعنا باسم "الحرية" المزعومة، يرى ذلك.. فإذا كانت تلك نتاج "الحرية" كما يزعمون فإن الحرية الحقيقية هي التي تتحول إلى مسؤولية موجهة إلى الصالح العام.. وليست "الشكشكة" في الطريق العام؟!! لأننا لسنا هنا بصدد توجيه النقد للثقافة الإعلامية الغربية؛ لأن ما تقوم به هو من أبجديات ثقافتها حتى وإن كان خارجًا عن حد الأخلاق الإنسانية، بل نحن هنا بصدد التأسف على ما يجري من أفعال شباب وفتيات مجتمعنا؟!!.. فما بال هؤلاء يسعون لهدمها باسم "الترفيه"؟!! وأي ترفيه هذا الذي يشعل نيران الغرائز بدلاً من أن يهذبها؟ وأي ترفيه هذا الذي يعرض المرأة سلعة رخيصة في سوق جواري القرن الواحد والعشرين أمام الملايين من البشر، وهي شبه عارية وكاشفة عن كل مواضع الفتنة التي أمر الله بسترها؟.. هل أصبح "ترفيهنا" مستوردًا؟! أم أنه "حلال" مذبوح على الطريقة الإسلامية؟!!

أخيرًا.. إن فتح الباب أمام شبابنا وفتياتنا لهذه "الشكشكة" يُعد انحرافًا خطيرًا في مسار أخلاقنا وتقاليدنا التي جاء بها ديننا الحنيف، والتي ظل الرسول - عليه الصلاة والسلام - يدعو إليها حتى آخر رمق من حياته مرددًا في الكثير من المواقف قوله: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"؛ لأنها أخلاق إنسانية سامية، جاءت بها كل الديانات السماوية، وما جاء رسولنا الكريم إلا لإتمامها.. نعم، من الواضح تمامًا أنه توجد هناك أوكار فكرية، تصدِّر الفكر المنحل بنشر ثقافة هدامة مبنية حسب أهواء فئات غير موثوق بها، غرضها "نحر" هويتنا الوطنية السعودية، التي ستبقى شامخة وخالدة -بإذن الله تعالى-؛ وذلك بحكم ثقافتنا الأسرية العريقة ذات الأصول المشكِّلة لجزء أساس من تماسك الأسرة؛ باعتبارها الخلية الأساسية واللبنة الأولى لبناء مجتمع سليم؛ وهذا ما جعل لها قداسة، أعطتها إياها شريعتنا بتنظيمها العلاقات الأسرية، وبنائها على أرضية صلبة من الاحترام والوقار، وليس بالشكشكة والترفيه المستورد تحت بند الحوار (الخوار) الفكري العالمي؟!

همسة: الحرية هبة مقدسة لكل البشر؛ فلا تدنسوها بـ"الشكشكة" وأخواتها عبر الترفيه الهابط والفارغ من "المحتوى"؟!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org