رقص وإيحاءات جنسية.. مغامرة تخترق مجموعة "لعبة الموت" في تيماء "فيديو"

أصوات أعيرة نارية وكفرات مستعملة.. بيئة من الفساد يحللها "المشيقح" و"سبق" توثّق
رقص وإيحاءات جنسية.. مغامرة تخترق مجموعة "لعبة الموت" في تيماء "فيديو"

لم يكن الأمر سهلًا في اختراق "مجموعة" من الشباب المراهق، يعتقدون أن التفحيط فضيلة، وأن الاجتهاد بإتقانه نوع من أنواع الفروسية، وأن الرجولة تقاس بإمكانية قيادة السيارة بسرعات عالية.. لم يكن الأمر سهلًا؛ لأن في قاموسهم عار من الخوف، والتفاخر لديهم بمقدرة المفحط على تفجير الكفرات أثناء التفحيط هو أقصى الطموحات؛ فقد توفر لهم المال والسيارة والفراغ وترك الحبل على الغارب؛ فما عساهم أن يقدموا؟!

الأمر غريب وخطير، فعلى الرغم من وصول معلومات صحفية سابقة تؤكد أن مجموعة من الشباب المراهق يمارسون لعبة الموت على أحد الطرق في محافظة تيماء؛ إلا أن هذه المعلومات سرعان ما تصبح سرابًا بمجرد الوصول إلى الموقع؛ إلا أن ليلة السبت الماضي كان الأمر مختلفًا بعد أن تسربت لـ"سبق" معلومات عن أن مراهقين تناقلوا دعوة لممارسة التفحيط وهذه المرة كانت دعوة حقيقية، وفي هذا التقرير ترصد "سبق" تفاصيل المغامرة للوصول إلى ليلة لعبة الموت.

فئة لا تمثل تيماء

قبل قراءة هذا التقرير الصحفي يتوجب أن نوضح أن ما تم رصده لفئة قليلة من الشباب لا يمثلون شباب تيماء كما أن هذه الممارسات لا يقتصر وجودها على المحافظة فحسب؛ فهي موجودة ومحاربة، كما أن هذا التقرير لا يقلل من جهود الجهات المعنية في الرقابة والمتابعة؛ ولكن نضع المشكلة لمعالجة ذلك من قِبَل الجميع وإيقافها قبل أن تصبح ظاهرة، وبقي أن نذكر أن المحافظة بها أكثر من نادٍ للحي، كما أن نادي تيماء الرياضي ينظم عددًا من المسابقات الرياضية، وهذا الأمر ينفي حجة البعض "أين يذهب الشباب".

الشرارة الأولى

ولأن الأمر خطير، قررت "سبق" تتبّع صحة معلومات مواقع التواصل الاجتماعي التي تُعد الشرارة الأولى عن بدء تجمع ومغادرة المفحطين إلى الموقع، والذي يقع على مسافة تقارب 22كم عن المحافظة التاريخية الهادئة، وبالفعل وصلت معلومات عن وجود دعوة للتفحيط ليلة السبت الماضي وذلك في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف ليلًا يمارسها شباب بأعمار 30 عامًا، وتستهدف الشباب المراهق دون الـ16 عامًا، وتستمر إلى ساعات الفجر الأولى.

طريق المدينة.. دعوة ناجحة!

وحتى تصل للموقع يتوجب عليك السير على مسافة ما يقارب 11 إلى 13كم على طريق المدينة المنورة، وفي طريق "سبق" الذي تم تحديده من قِبَل رؤساء المجموعات؛ لفت انتباهها عدد كبير من السيارات تسير بسرعة عالية جدًّا وبطريقة منتظمة، وتُصدر أصواتًا تشبه الأعيرة النارية، وللوهلة الأولى يتضح لمن يشاهد تلك السيارات في طريقها أنها إما لمسيرة زواج أو لتفحيط؛ فهي ليست سيارات مسافرين؛ وهو ما أكد أن المعلومات الواردة صحيحة وأن الدعوة نجحت في استقطاب الضحايا من المراهقين!

إلى رحلة الخطر

ولمن لا يعرف الموقع هو طريق يُعرف بطريق الأبداء، أنشأته وزارة النقل لربط محافظة تيماء بمحافظة العلا، ولا يزال قيد الإنشاء، ولا تمر عليه سيارات المسافرين سوى بعض المتنزهين وأهل البادية كون المنطقة رعوية، فبعد ما يقارب 30 دقيقة تمكنت "سبق" من الوصول إلى الموقع والتمركز في مكان قريب؛ إذ وجدت عددًا كبيرًا من المركبات والشباب ما بين عمر 16 عامًا و30 عامًا ينقسمون لمتفرج ومفحط ومعزز، وبعض المسميات الغريبة التي يطلقها الشباب على بعض!

لعبة الموت

في لحظات، حوّل هؤلاء الشباب الطريق المنشأ حديثًا إلى ساحة تفحيط على سيارات حديثة، وتستغرب وأنت تشاهد هذه الممارسات الخطيرة كيف يهدر هؤلاء الشباب مئات الآلاف من الريالات "قيمة السيارات"، إلى لهو ولعب؛ بل كيف استطاعوا اقتناء هذه السيارات، وبعد مرور أقل من 5 دقائق رصدنا أول حادث؛ إذ استقرت مركبة أحد المراهقين في جبل ترابي، وما إن وقع الحادث حتى تجمّع عدد من الشباب رغم ازدحام الطريق بمركبات المفحطين!

رقص وإيحاءات

لم تقتصر الغرابة على هذا الأمر؛ بل تجاوز إلى الرقص ورفع أصوات الأغاني واستخدام أجهزة تساعد على إصدار أصوات من المركبة تشبه إلى حد كبير الأعيرة النارية؛ فضلًا عن العبارات البذيئة والسوقية والمفردات التي تحمل إيحاءات جنسية وشذوذ.

"الكل يبيعها"

يستخدم المراهقون كفرات مستعملة حتى تساعدهم بما يُعرف بـ"تفجير الكفرات"؛ إذ تمكّن المراهقون من شراء هذه الكفرات من محلات البنشر، ورغم محاولة الحصول على معلومات عن المحلات التي تساعد المرهقين على شراء هذه الكفرات؛ إلا أن عبارة "الكل يبيعها" كانت هي السائدة!

عقوبات رادعة

يُذكر أن التفحيط مخالفة مرورية، ويعاقب مرتكبها بالعقوبات التالية:

أ- في المرة الأولى حجز المركبة (خمسة عشر) يومًا، وغرامة مالية مقدارها عشرون ألف ريال، ومن ثم يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه.

ب- في المرة الثانية حجز المركبة لمدة شهر، وغرامة مالية مقدارها أربعون ألف ريال، ومن ثم يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تطبيق عقوبة السجن في حقه.

ج- في المرة الثالثة حجز المركبة، وغرامة مالية مقدارها (ستون ألف) ريال، ومن ثم يُحال إلى المحكمة المختصة للنظر في مصادرة المركبة أو تغريمه بدفع قيمة المثل للمركبة المستأجرة أو المسروقة وسجنه.

بيئة خصبة للفساد

وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم الدكتور عبدالعزيز بن حمود المشيقح لـ"سبق": "ظاهرة التفحيط قضية معضلة يتفرع منها عدة قضايا إذا تُركت وأهملت ولم يوجد لها الحلول؛ فهي ظاهرة يتوافد إليها بعض الشباب بأعمار مختلفة، وهي بيئة خصبة للفساد والإفساد بسبب تجمعات الشباب لمشاهدة ممارسات خاطئة بمجملها".

سلوكيات غير أخلاقية

وأضاف: "تكمن خطورة التفحيط في عدة أوجه: أولًا: أنها تودي بحياة شباب بعمر الورد من شباب الوطن؛ فمن يشاهد تلك المناظر يرى قتلًا للنفس دون مبرر؛ فقط بسبب لهو وعبث وهذا حسابه عظيم عند الله في الدار الآخرة قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.

وتابع: "ثانيًا: هذه التجمعات يغلب عليها الغوغائية والمشاجرات؛ ناهيك عن ممارسة بعض السلوكيات غير الأخلاقية بسبب فوارق العمر بين الشباب؛ فتحصل ممارسات شاذة يمقتها المجتمع. ثالثًا: عادة ما تكون هذه التجمعات مرتعًا خصبًا لأوكار الفساد من مروّجي المخدرات وبث السموم بين الشباب.

رابعًا: بُعد الشباب عن منازلهم وفقدانهم للقدوة الصالحة يخلق فجوة بين الشاب وأسرته فيفقد القدوة والتوجيه والتناصح".

وصية للمجتمع

وقال "المشيقح": "أوصي المجتمع بكل أشكاله ووسائله عبر مؤسساته الرسمية وغير الرسمية الاهتمام بهذه الظاهرة، وتسليط الضوء عليها لمحاربة مثل تلك التجمعات الشبابية في أماكن نائية من أجل تعزيز ممارسات التفحيط، وإصدار قوانين صارمة ضد ممارسيه والداعين لهذا العمل".

وأردف: "واجب على أولياء أمور الشباب تفقّد أبنائهم وسؤالهم عن أسباب تأخر عودتهم للمنزل ومراقبة مَن يصادقون، ويجب على أئمة المساجد وخطباء الجوامع تناول هذه الظاهرة بالتوعية والتوجيه بخطورتها والنهي عن حضور تجمعاتها أو تأييد ممارسيها، وعلى قطاع التعليم توعية طلاب المدارس بخطورة التفحيط، وعلى أساتذة الجامعات توجيه البحوث والدراسات العلمية حول هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية محاربتها، والخسائر المادية والبشرية والأخلاقية الناتجة عن ممارستها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org