متعة أم إنجاز؟!

متعة أم إنجاز؟!

ما إن تفكر بالخروج إلى مكان لتشرب قهوتك حتى تحتار في اختيار وجهتك، وتحديد المكان الذي يقدم خيارًا جيدًا من القهوة. وهذه الحيرة لا تأتي من تقييمات المستخدمين في قوقل، التي تخدعك في أحايين كثيرة، بل من الكم الهائل من أماكن شرب القهوة المنتشرة في كل مكان؛ إذ كنا في السابق نقطع مسافات للوصول إلى بعض الأماكن، أو نبحث عنها في المجمعات التجارية.

وبحسب مقال منشور في أحد المواقع الإلكترونية، تُصنَّف السعودية على أنها "من أكثر دول العالم استهلاكًا للبُن لارتفاع معدل استهلاك الفرد للقهوة. وتُقدَّر الكميات المستوردة للأسواق السعودية من البُن بأكثر من عشرة آلاف طن سنويًّا".

هذه النسبة اللافتة، والتزايد المطرد، لهما علاقة بطفرة انتشار المقاهي، وثقافة العمل وإنجاز المهام داخلها؛ إذ أصبح الكثير من الأفراد يلجؤون إليها عند كثرة المهام، بل يهربون إليها من منازلهم بحجة البحث عن الهدوء والصفاء الذهني.

الغريب أننا عشنا أعمارنا نتعامل مع بيوتنا أنها الملاذ الآمن لأذهاننا عند الحاجة لذلك، وأماكن الهدوء والاستقرار النفسي والذهني والبدني، لكن انقلبت الموازين، وأصبح الهروب من البيوت هو الحل عند الرغبة بتغيير الجو، أو إنجاز الأعمال، أو البحث عن الصفاء الذهني.. فما الذي تغيَّر؟!

قد يكون السبب أن الأغلبية يعملون في أماكن بعيدة عن بيوتهم التي نشؤوا فيها؛ إذ يضطرون للانتقال إلى مدن أكبر من أجل لقمة العيش، أو يعيشون في شقق صغيرة بعد أن كانوا في بيوت العائلة الواسعة، وتعتبر المقاهي فرصتهم في التواصل البصري مع الحياة والناس. وما يؤكد ذلك أننا لا نجد ظاهرة إنجاز الأعمال في المقاهي منتشرة في المدن والمحافظات الصغيرة حين مقارنتها بالرياض وجدة!

كذلك الشعور بالضغط في المدن الكبيرة الذي يعيش الفرد تحته حينما يظن أن وجوده في المقهى لقضاء وقت جيد خيار جيد إن لم يتقاطع مع وقته لإنجاز الأعمال. ولا أتذكر أنني أنجزت عملاً في مقهى باستثناء اجتماعات طارئة رغم أنني أرغب بتقليد الكثيرين، وفي أكثر من مرة حاولت الانشغال بجهاز اللابتوب، وكأنني أدير فرعًا لشركة عالمية كبيرة، لكن لم أوفَّق في ذلك× فاضطررت إلى تنحية اللابتوب، والاستمتاع بقهوتي وأنا أتأمل الزوار.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org