أزمة الإعلام الرياضي

أزمة الإعلام الرياضي

لا يمكن للعمل الفردي أن يستكمل مسيرة النجاح.. وأي شخص يعتقد أنه قادر على صناعة النجاح وحده فهو مخطئ تمامًا؛ لأن قانون الحياة والتاريخ يخبرنا بأن هذا نهج غير سوي. قد تكون هناك نجاحات فردية، ولكنها لا تستمر، ولا تكون ذات تأثير على المجتمع، بل إنها تختفي مع مرور الزمن، ولا تحقق الاستمرارية والتطور.

والإعلام لا يمكن أن ينجح إلا من خلال العمل المؤسساتي الصحيح الذي يقوم على عنصر الاحترافية والخبرة.. وغياب أحد العنصرَيْن بلا شك يُضعف العمل الإعلامي؛ فالخبرة تحقق الرؤية الصحيحة، والمنهج السليم، والثبات، والاتزان في الطرح والمحتوى.. والاحترافية تحقق التفرغ الكامل، والتركيز، وغزارة الإنتاج.. وهذان العنصران هما جناحا العمل الإعلامي في أي مجال.

اليوم نحن بحاجة لتأصيل هذين العنصرَين في مؤسساتنا الإعلامية، سواء الخاصة منها أو الحكومية، والتشديد على أهمية إيجاد القدرات التي تستطيع أن تصنع المحتوى الإعلامي الصحيح بعيدًا عن الارتجالية؛ فصناعة المحتوى هو الفن الغائب منذ سنوات؛ فهناك من لا يزال يسير على عنصر التقليد، وما زالت المؤسسات الإعلامية تعتقد أنها قادرة على مواجهة التحديات وحدها، وهذا خطأ في التفكير، خاصة إذا كان هناك من لا يريد أن يستوعب أن أدوات الإعلام تغيَّرت بشكل كبير؛ فالشاشة ليست المنصة الوحيدة للقناة، والورق لم يعد الوسيلة الوحيدة للصحيفة؛ فالتكنولوجيا المعلوماتية أصبحت عنصرًا فعالاً، والمؤسسة الإعلامية أصبح لديها أذرع عدة بدلاً من ذراع واحدة.. والمشكلة تكمن في طريقة تحريك هذه الأذرع، واستثمارها، وتسويقها؛ لكي لا تعاني الشلل أو الارتعاش الذي يُفقد المنظومة استمرارها، ويصيبها بالوهن.

لنركز قليلاً، ونفكر: كم لدينا من قناة رياضية، وكم لدينا من صحيفة وملحق رياضي، وكم لدينا من برنامج.. سنجد أن لدينا جيشًا إعلاميًّا، ولكن بالنظر في المحتوى سنجده متشابهًا لحد كبير، بل مكررًا، بل تقليديًّا.. فالمنافسة اليوم لم تعد على الخبر والسبق بل هي على الفكر والمحتوى.. ولعل هناك مؤسسات إعلامية تقوم بإنشاء آلاف المعرفات؛ لتقول إن محتواها منتشر، وأخرى تعتمد عناوين ساذجة مثل (فلان يشتم فلانًا)؛ لكي تحصد أكبر قدر من المشاهدة على فيديوهاتها! فليس هذا هو الفكر الصحيح لمواجهة التحديات وتحقيق النجاحات؛ فقد تخدع المتلقي مرة، ولكن لن تخدعه ألف مرة.

علينا اليوم أن نفكر: كيف نقدم المنتج المقنع الذي يصنع التواصل والتفاعل مع المتلقي، ويحقق المصداقية والتأثير، ونبتكر أدوات التسويق الصحيحة؛ لنحقق الانتشار السليم الذي يقوم على مبدأ القناعة بما يُقدَّم؟.. فبناء الجسور يحتاج لقواعد صلبة ومتينة بعيدًا عن الغوغائية التي تُنتج ضجيجًا دون فائدة.

من يستطيع اليوم أن يبني منظومة كبيرة من الشراكات، ويقدم منتجات مبتكرة، سيكون قادرًا على صناعة وجه آخر للعمل الإعلامي؛ فالإعلامشريك أصيل مع المجتمع، وكلاهما يقوم على الآخر.. وهنا كلمة السر لمن أراد النجاح. فهل يُعقل أن يكون لدينا مسابقات، تدر مئات الملايين، وأنديةدخلها مئات الملايين، وعقود رعايات بمئات الملايين، ومجتمع وشباب ترفيهه الأول هو الرياضة، ثم نرى مؤسسات إعلامية لا تلعب دورًا استثماريًّا واقتصاديًّا كبيرًا في هذه المنظومة؟! هذا يعني أن هناك خطأ؛ لا بد من علاجه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org