دوام الأمهات وحقوق الوظيفة؟

دوام الأمهات وحقوق الوظيفة؟

طبيعي أن كل تطوُّر بشري يصاحبه تغيُّر نوعي في أنماط الحياة الاجتماعية والعلاقات الأسرية. بلا شك الكفة ستميل لصالح طرف دون آخر، ولكن بمقدار استيعاب أطراف المعادلة لمسؤولياتهم.

إن خلق التوازن داخل بيئة العمل مهمة الإدارة وحدها، بينما يعود خلق التوازن بين الحياة الخاصة والواجبات الوظيفية للموظفة نفسها دون سواها؛ إذ لا ذنب للمريض في غياب الممارِسة الصحية، والطالب في التخلف عن المناهج عن باقي أقرانه.. كما يجب ألا يحمل الزميل أعباء المتغيبة والمنقطعة ضمانًا للسلامة والجودة. وبما أن المجتمع السعودي يتحرك سريعًا باتجاه هذا التطور النوعي، وما رافقه من استحقاقات على مستوى الحريات الفردية، والاستقلالية.. فيتعين تحرُّك المؤسسات المختصة بالاتجاه والسرعة نفسيهما بتطوير القوانين وأنماط التفكير، ومراجعة أساليب التعامل مع الشركاء لضمان الحفاظ على النسيج الأسري والاستقرار الوظيفي بشكل قابل للحياة والنمو الطبيعي..

قطعًا تعي الأمهات مخاطر إسناد مهام الأمومة إلى المربيات والعاملات من جانب، كما يقدرن تأثير الانقطاع عن العمل على الخدمة والمستفيد من جانب آخر.

تحدثت مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" عن الحيرة التي تشعر بها النساء في خلق توازن بين وظائفهن والاهتمام الكافي ببيوتهن وأطفالهن.

كما ذكرت أن ملايين الأمهات العاملات حول العالم يعشن تحديًا مستمرًّا للتوفيق بين وظائفهن وواجبات الأمومة؛ الأمر الذي يستنزف طاقاتهن بشكل مؤثر.. وغالبًا ما تطرح هذه الفئة من الأمهات أسئلة عما إذا بإمكانهن القيام بواجباتهن كأمهات على أكمل وجه، والتفوُّق الوظيفي في عملهن أيضًا.. فضلاً عن السبيل لتحقيق هذه الغاية المنشودة؟

هناك العديد من الإصدارات التي تناولت هذه المسألة الشائكة من وجهة نظر غير تقليدية؛ إذ إنها لم تسعَ فقط إلى تقديم النصائح اللازمة لإدارة وقتها بشكل فعّال، وكيفية توزيع المهام والجهد العصبي والبدني والعاطفي بين المنزل والعمل؟ خلافًا لذلك؛ فقد كشفت هذه الإصدارات عن إسهامات المعايير الثقافية والسياسات الحكومية في تشكيل حياة الأمهات عبر الزمن، وعبر المناطق الجغرافية المختلفة.

بعض الكتب قدّمت رؤى عميقة للتحديات التي تواجهها الأم العاملة، فيما جنح بعضها الآخر إلى تقديم توصيات حول طرق تحسين الوضع عن طريق تضافر جهود كل الأطراف.

كتاب (ماكينغ ماذرهود وورك) ألَّفته أخصائية علم الاجتماع كيتلين كولينز. وقد أجرت الأخصائية مقابلات مع ١٣٥ امرأة في العديد من الدول الغربية، على غرار (السويد، ألمانيا، إيطاليا وأمريكا)، وكشفت النتائج عن هشاشة الوضع الذي تعيشه عدد كبير من النساء؛ إذ كن يعتقدن قبل إنجاب أطفالهن أنه بالإمكان القيام بكل شيء، كما يمكن الاستمرار في القمة، لكن ما اتضح في نهاية الأمر أنه لا يمكن الحصول على كل شيء في الوقت نفسه.

لقد أمدت أُسر عديدة الدولة بعشرات القيادات المتميزة في المجالات كافة، بأمهات (عاملات)، فيما فشلت أخريات (متفرغات) في إنتاج لو فرد واحد صالح للمجتمع.. فالعبرة –إذن- ليست إلا بمقدار عطاء الأسرة الصالحة، مع الفارق النوعي في طبيعة الأمهات. وكما للموظفة حقوق فعليها واجبات.. أما مَن يراهن على خلاف القيادة والإشراف الفعّالَين فهو يتجاهل عمدًا ما يدور حوله!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org