"وول ستريت جورنال" تكشف زوايا جديدة لتحالف الشر مُحَذرة من "لبننة اليمن"

ألقت الضوء على حجم المخاطر المحتملة إذا لم تتصدَّ واشنطن لاستراتيجية إيران
"وول ستريت جورنال" تكشف زوايا جديدة لتحالف الشر مُحَذرة من "لبننة اليمن"

حذّرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مما وصفته بمخاطر مخطط "لبننة اليمن"؛ كاشفة عن زوايا جديدة في التحالف الإرهابي الاستراتيجي بين إيران والحوثيين، وما يتيحه هذا التحالف لإيران من توسيع رقعة نفوذها في المنطقة، ونشر أعمالها العدائية المقوضة للاستقرار في المنطقة؛ كتهديدها حرية الملاحة البحرية في مضيقيْ هرمز وباب المندب.
وتناولت الصحيفة؛ وفق ما كتبه "براين هوك" أمس الأول، المخاطر المحتملة التي ستؤدي إلى "لبننة" اليمن إذا لم تتصدَّ الولايات المتحدة لاستراتيجية إيران الكبرى في اليمن.

الجبهة الإرهابية
وقال براين: يلعب القائد الأعلى الإيراني لعبةً طويلة الأمد في اليمن، ويبدو أن قلة حول العالم قد لاحظوا ذلك؛ فبرعاية إيرانية، نفّذ الحوثيون -حركة سياسية شيعية- انقلابًا في عام 2014م، دافعين بالبلاد إلى الفوضى. كما أدى الدعم الإيراني إلى تحويل الحوثيين الشيعة من مليشيا قبلية إلى قوة قتالية مميتة. والآن يريد النظام الإيراني مِقعدًا على طاولة المفاوضات للمساعدة على إطفاء نيران حرب قد ساهم في إشعالها.

صاحبة النفوذ
ومهما كان الناتج النهائي في اليمن؛ فقد زادت إيران -وبنجاح- شبكة تهديداتها، ووضعت نفسها صاحبة النفوذ في شبة الجزيرة العربية. ولطالما استعملت طهران هذه الاستراتيجية لعقود من الزمن؛ فمنذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي بدأت إيران في دعم جماعات شيعية متطرفة متعددة في لبنان. وقد زاد النظام الإيراني من دعمه بشكل ممنهج وقام بجمع أكثر الفصائل عنفًا في منظمة عسكرية متسقة، والتي قامت بتسمية نفسها حزب الله.

دولة داخل دولة
وتابع: خلال التسعينيات من القرن الماضي، رسّخت إيران نفوذها في لبنان من خلال حزب الله؛ حيث يزود النظام الإيراني هذه المليشيا بـ70% من ميزانيتها التشغيلية والصواريخ الدقيقة والأسلحة الخفيفة، ودعم مستمر من الخبراء العسكريين.
كما مكّنت براعة حزب الله العسكرية، إيران من أن تصبح دولة داخل دولة. وفي المقابل مكّن ذلك إيران من توسيع حدودها، وتصدير الثورة الشيعية، واستهداف الإسرائيليين والأمريكيين. لقد قتل تنظيم حزب الله الكثيرَ من الأمريكيين أكثرَ من أي جماعة إرهابية أخرى ما عدا القاعدة.

دولارات وأسلحة
ويضيف هوك: "اليوم، أوجه التشابه للتقارب الإيراني في اليمن واضحة جدًّا؛ فمثل ما فعلت في لبنان لأربعة عقود مضت؛ يتم استعمال اليمن عن طريق إيران لرفع مرتبتها كقوة إقليمية. وعززت المساعدات الإيرانية من تحدي الحوثيين للسلطات الحكومية اليمنية بطرق لم يكن باستطاعتها أن تفعلها. وقامت إيران بتزويد الحوثيين بمئات الملايين من الدولارات وترسانة من الأسلحة المتطورة. وتدفقت الصواريخ المضادة للسفن والقوارب المتفجرة المسيرة والألغام إلى اليمن؛ وذلك بفضل السيد خامنئي. وقامت الإمارات العربية المتحدة بمصادرة طائرات مسيرة إيرانية الصنع في اليمن. وفي زيارة أخيرة لقاعدة الأمير سلطان الجوية في المملكة العربية السعودية، أخذ جولة في مستودعات للأسلحة التي من الواضح أنها إيرانية الصنع والتي تم اعتراضها وهي في طريقها للحوثيين.

مهاجمة الرياض
إن تحالف إيران الاستراتيجي مع الحوثيين؛ يسمح باستهداف دول الخليج بهجمات الصواريخ والطائرات المسيرة، وإلهام وتنظيم وتوجيه الجماعات الانفصالية المسلحة بالمنطقة، كما أطلق الحوثيون صواريخ إيرانية الصنع على المناطق ذات الكثافة السكانية كالرياض، التي تبعد مئات الأميال.

عدوان بحري
وقد كانت إيران لعقود من الزمن تُهدد حرية الملاحة في مضيق هرمز، وسيتيح لها الآن تحالفها مع الحوثيين تهديدَ حركة السفن في مضيق باب المندب، الذي يُعد بوابةً للبحر الأحمر وقناة السويس، انتهاءً بالبحر الأبيض المتوسط. ومن خلال هذين المضيقين يمر ما يقرب من رُبع إمدادات النفط في العالم. إنك لو أطلقت يد إيران في اليمن؛ فسيكون بمقدورها التهديد بإغلاق كل هذه الممرات المائية الأساسية، وارتكاب أعمال عدوانية بحرية؛ فقد نفّذ الحوثيون في مارس 2016 عدة هجمات صاروخية على المدمرة الأمريكية يو إس إس ميسون [USS Mason] أثناء عبورها لمضيق باب المندب.
ويكمل: وفي اليمن اليوم، تقوم إيران بتوسيع حدودها بشكل فعال، وتوسيع مساحة نفوذها، وشن هجمات فتاكة ضد منافسيها. ويمكن لإيران من موقعها الجديد على خليج عدن أن تهدد حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها في المنطقة، وتقوض الاستقرار الذي عملنا جاهدين لتحقيقه.

مخاطر أكبر
وفي حال فشلت الولايات المتحدة في التصدي لاستراتيجية إيران الكبرى في اليمن؛ فسنواجه مخاطر أكبر في المستقبل؛ مخاطر تتضمن احتمالية "اللبننة" للدولة. وفي الواقع تكشف المعلومات التي أزيل عنها طابع السرية، أن حزب الله يقدم الدعم النشط للقضية الحوثية باليمن؛ حيث إنها تقوم بإكمال دائرة شبكة وكلاء إيران. ومن خلال السيطرة والنشر لجماعات مثل الحوثيين وحزب الله؛ تستطيع طهران أن تخوض الحروب من خلال أطراف ثالثة محلية في عدة مناطق في آن واحد.
وتركز إدارة ترامب على عكس مكاسب إيران الاستراتيجية في المنطقة كجزء من حملتها لـ"أقصى قدر من الضغط". وفي اليمن، يتطلب هذا إبرام اتفاق سلام شامل يجمع بين كل الأطراف الشرعية لإنهاء الأزمة الإنسانية، ومنع تعميق إيران لجذورها في المنطقة.

مكاسب وخسائر
ويؤكد الكاتب: ليس لإيران أي مصالح مشروعة في اليمن. وأما الحوثيون فمكاسبهم قليلة وخسائرهم كثيرة في حال استمرت شراكتهم مع إيران. فيمكنهم إما دعم جهود سياسية حقيقية من أجل السلام في اليمن والاستمتاع بالمزايا، أو الاستمرار بترويج العنف وتعزيز طموح إيران الإقليمي. الخيار الأول سينتج عنه شرعية وقابلية للجلوس على طاولة الحوار، والخيار الثاني سيؤدي إلى العزلة وإطالة معاناة الشعب اليمني.

ضعف إعلامي
وقد قام الإعلام بعمل ضعيف جدًّا في تغطية الدور الإيراني في تأجيج وإطالة النزاع الكارثي في اليمن؛ مما سمح لإيران بالهرب من الملامة المتعلقة بالعنف والمجاعة والمعاناة البشرية، والتي أصبحت أكبر الصادرات الإيرانية. إن الحكومة الأمريكية تُسلط الضوء على الجرم الإيراني وأهدافها المهيمنة. وبينما نقوم بالسعي لكبح التوسع الإيراني في لبنان وسوريا وهضبة الجولان والعراق؛ يجب علينا أن نمنع إيران من ترسيخ نفسها في اليمن. ويجب على العالم أن يتوصل إلى اتفاق فيما يخص طموحات طهران ومكافحتها، أو أن الهلال الإيراني سيصبح بدرًا في القريب العاجل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org