دراسة: التكلفة السنوية الإجمالية للتدهور البيئي 86 مليار ريال سعودي

قدّمت عبر منتدى الرياض الاقتصادي بيومه الثاني.. واستعرضت آثاره على التنمية
دراسة: التكلفة السنوية الإجمالية للتدهور البيئي 86 مليار ريال سعودي

خلصت دراسـة بعنوان "الـمـشـاكـل الـبـيـئـيـة وأثـرهـا عـلى الـتـنـمـيـة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية"، استعرضها منتدى الرياض الاقتصادي اليوم الأربعاء 22 يناير، في تشخيصها للوضع الراهن للمشكلات البيئية بالمملكة، إلى أن النمو السكاني وإنتاج النفايات والملوثات وتدهور الأنظمة البيئية تعد من أهم العوامل المسببة للضغط على البيئة والموارد الطبيعية.

وطرحت الدراسة خلال جلسة برئاسة الدكتور منصور الكريديس عضو مجلس الشورى، وقدمها الدكتور سطام بن فهد المعجل أستاذ الهندسة البيئية المساعد بجامعة الملك سعود، وشارك في المناقشة الدكتور وليد بن خليل زباري أستاذ إدارة الموارد المائية بجامعة الخليج، والدكتور محمد بن حمد الكثيري رئيس مجلس إدارة شركة "سيبكو" لحماية البيئة.

وقال "الكريديس": البيئة في العقود الماضية واجهت مشاكل عديدة مع ما يشهده العالم وأيضاً المملكة العربية السعودية من نمو سكاني هائل وثروة صناعية، ومحور البيئة له علاقة وثيقة بالإنسان؛ لكونه يؤثر على البيئة ويتأثر بها كذلك سواءً عبر الهواء والغذاء والماء وغيرها.

وأضاف: حكومات العالم جميعاً تدرك أهمية البيئة والتحديات التي تواجه الإنسان، إلا أنها دائماً لا تعطيها الأهمية القصوى، وإنما تعطي القضايا الأخرى أهمية كبرى بما فيها الاجتماعية والاقتصادية، ولذلك مجالات البيئة تأتي في مؤخرة الاهتمامات.

وأردف: نحن في السعودية نواجه تحدياً بيئياً ليس بالسهل، ولدينا نمو سكاني كبير وضعف في الإدراك البيئي، بالإضافة إلى التنمية الصناعية التي تشهدها البلاد، ولذلك فإن منتدى الرياض الاقتصادي أعطى هذا الموضوع الاهتمام الكبير.

من جهته، قال "الكثيري": رؤية المملكة 2030 أكدت ضرورة العمل للحدّ من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلفات والتلوث بصفة عامة، والحد من ظاهرة التصحر والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية، وتأسيس لمشروع متكامل من أجل إعادة تدوير النفايات، وغيرها من المبادرات التي تؤكد أهمية الدراسة، وأنها جاءت في الوقت المناسب، ويلقي ذلك بعبء كبير على القطاع الخاص والمواطن.

وأكدت الدراسة أن ضعف الالتزام بالضوابط والمعايير البيئية وتدني مستوى الوعي البيئي وانتشار الممارسات السلبية الخاطئة جعل المملكة تحتل المرتبة 86 من أصل 180 دولة في مؤشر الأداء البيئي، حيث قدرت التكلفة السنوية الإجمالية للتدهور البيئي بنحو 86 مليار ريال سعودي أي ما يعادل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014م، وأوضحت الدراسة أن هذه المشكلات البيئية تعتبر من أهم التحديات التي يتطلب الأمر التغلب عليها لتحقيق رؤية المملكة 2030.

وبيّنت أن المملكة في سعيها للحفاظ على التوازن بين التنمية الاقتصادية والعناصر والموارد الطبيعية المتوفرة قد التزمت بصورة أكبر بالإجراءات الجادة لحماية البيئة من خلال وضع أطر تشريعية وترسيخ آليات مؤسسية فعالة.

وحصرت الدراسة التحديات البيئية بالمملكة في النمو السكاني الذي يعتبر من أهم العوامل المحركة لقضايا التنمية المستدامة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إضافة إلى الأضرار البيئية لصناعة النفط والغاز، وتلوث الهواء بسبب صناعة التعدين والتوسع الكبير في قطاع النقل، وزيادة معدل إنتاج الفرد للنفايات وكمية النفايات البلدية، وأن ارتفاع متوسط نصيب الوحدة الأرضية من إجمالي الأسمدة الكيماوية، وتلوث الغذاء والضوضاء وشحّ الموارد المائية.

ومن خلال تناولها لهذه التحديات، توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج منها أن النمو السكاني قد أدى لزيادة الضغوط على الموارد الطبيعة، كما أن زيادة إنتاج النفايات والملوثات يؤدي إلى تدهور الكثير من العناصر والثروات والأنظمة البيئية، وتدهور المراعي الطبيعية؛ بسبب الرعي الجائر وعدم التوازن بين الحمولة الرعوية وأعداد الحيوانات الراعية، بالإضافة إلى الاحتطاب والتوسع العمراني في المدن الرئيسية وما تتطلبه من اللجوء إلى أراضي المراعي للحصول على المواد الأولية للبناء وردم الطرق العامة.

ورصدت الدراسة أن تلوث البيئة المائية وظاهرة الصيد الجائر أدّت إلى عدم مواكبة معدل النمو البيولوجي لمعدل الصيد السمكي، ومن ثَمّ التأثير على المخزون السمكي لتلك المصايد، حيث تناقصت نسبة الأرصدة السمكية ضمن مستوى مستدام بيولوجيا من 87% عام 2013م إلى 54% عام 2017م.

وأوضحت الدراسة أن زيادة درجة تلوث الهواء بنسبة 10% تؤدي إلى زيادة إجمالي عدد المرضى المنومين بالمستشفيات بنسبة 11.1% كما أن زيادة إجمالي عدد المرضى المقدر بنسبة 10% يؤدي إلى تناقص قيمة الإنتاجية الكلية للعامل كمؤشر للتنمية الاقتصادية بنسبة 1.8%.

ولفتت إلى أن نقص الموارد المائية المتاحة يؤدي إلى تقليص المساحة المحصولية وقيمة الناتج الزراعي، وبالتالي التأثير على إجمالي الناتج المحلي كمؤشر للتنمية الاقتصادية.

وفي إطار البعد البيئي لمختلف الأنشطة الاقتصادية، بينت الدراسة أن وزارة الصحة قامت بإغلاق بعض المنشآت غير الملتزمة بالاشتراطات البيئية، حيث يعتبر إنتاج الأسمنت من أهم الأنشطة الملوثة للبيئة، حيث تراوحت عدد الحالات المصابة في شركات الأسمنت بأمراض سببها التلوث البيئي خلال العام الماضي بين ثمانية عمال لكل شركة في منطقة الرياض وحد أعلى بلغ 15 عاملاً لكل شركة في المنطقة الشرقية.

وقد قامت وزارة الصحة بفرض غرامات على نحو 12.7%، 19.7%، 40.6% من العينة البحثية لمشاريع الدواجن العاملة في كل من المنطقة الشرقية والرياض ومكة المكرمة على التوالي؛ بسبب عدم التزامهم بالقوانين والأنظمة البيئية.

وقالت الدراسة: إن تراكم المشكلات البيئية يعتبر أحد أهم أسباب ضعف القدرة الإنتاجية للموارد الاقتصادية وخاصة الموارد الأرضية والمائية والبشرية، بالإضافة إلى التكاليف غير المباشرة التي قد تتحملها الدولة في إعادة التوازن البيئي.

وأشارت إلى أن الضغوط على البيئة والموارد الطبيعية في المملكة ازدادت خلال العقود الماضية؛ نظراً لضعف الالتزام بالضوابط والمعايير البيئية وتدني مستوى الوعي البيئي وانتشار الممارسات السلبية الخاطئة.

وتمخضت الدراسة عن عدد من المبادرات مع تحديد آليات تنفيذها، وتشمل هذه المبادرات نشر الوعي البيئي في جميع المناطق بالمملكة لتقويم سلوك الأفراد تجاه البيئة والمحافظة عليها من التلوث، والدعوة للتركيز على القطاعات الرئيسية المسببة للتلوث البيئي المرتبط بالتنمية الاقتصادية، وحث القطاعات التنموية على الالتزام بالأنظمة والتشريعات البيئية تنفيذاً لرؤية المملكة 2030م، إضافة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية القابلة للنضوب؛ وذلك لتحقيق التنمية المستدامة، والحفاظ على حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية.

ودعت الدراسة إلى تشجيع القطاع الخاص وإلزامه بالمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث في ظل تنامي مساهمته في التنمية الاقتصادية بما يتفق مع رؤية المملكة 2030م، وإجراء المزيد من الدراسات حول التأثير المتبادل أو المعاكس بين التنمية الاقتصادية والمشكلات البيئية؛ بهدف السيطرة على معدلات التلوث والحد من تكلفة الإصحاح البيئي من ناحية، وعدم تحمل الموازنة العامة للدولة تكاليف عالية لإعادة التوازن البيئي في المدى المتوسط والطويل.

يُذكر أن هذه الدراسة تكتسب أهميتها من خلال دورها المهم في حصر وتشخيص المشكلات البيئية في المملكة وإيجاد الحلول لها، وتحديد الآثار البيئية السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقياس أثر المشكلات البيئية عليها، إضافة إلى وضع قضية البيئة في الاعتبار عند وضع الخطط وإجراء دراسات الجدوى لإنشاء المشروعات الزراعية والصناعية والتعدينية والتجارية وكذلك التخطيط العمراني.

ومن المعلوم أن المبادرات الاستثمارية وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي لا ترافقها اعتبارات حماية البيئة والحفاظ على أصول الموارد الطبيعية بشكل كافٍ تؤدي إلى زيادة وتفاقم التدهور البيئي.

وتهدف الدراسة بصفة أساسية إلى تحقيق عدد من الأهداف منها قياس أثر المشكلات البيئية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وتشخيص الوضع الراهن للمشكلات البيئية والتحديات التي تواجه حماية البيئة ودراسة الآثار السلبية للتلوث البيئي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وترمي كذلك إلى رصد مدى الوعي البيئي وكيفية توصيله لمختلف فئات المجتمع، ومعرفة أثر حماية البيئة على النمو الاقتصادي والتشغيل والأسعار في المملكة، وتحديد دور القطاع الخاص في التوازن بين الحفاظ على البيئة وتحقيق المساهمة المرجوة من ذلك القطاع في التنمية الاقتصادية على المستوى الوطني، وتسليط الضوء على مدى تطبيق المملكة للتشريعات المتعلقة بالبيئة المحلية والتزاماتها الدولية.

ويتمثل الهدف الأهم في ربط الدراسة ومخرجاتها بالأهداف الاستراتيجية للرؤية المستقبلية للمملكة 2030 وكيفية تحويل الأهداف إلى برامج تنفيذية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org