"أدبي جدة" يسلط الضوء على كتاب "الفيصل" "إن لم.. فمن؟" والسلمي: سنترجمه لعدة لغات

بلاغة الاختصار ورصانة الأسلوب ورزانة الطرح في أمسية حضرها 1000 مثقف وإعلامي
"أدبي جدة" يسلط الضوء على كتاب "الفيصل" "إن لم.. فمن؟" والسلمي: سنترجمه لعدة لغات

شهد الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، مساء أمس، الندوة الثقافية التي سلّط فيها عدد من الكتاب والمثقفين الضوء على كتابه "إن لم.. فمن..!؟"، والتي استضافها نادي جدة الأدبي الثقافي وحضرها 1000 من الكتاب والمثقفين والإعلاميين.

وقدّم أمير مكة شكره وتقديره للنادي الأدبي والمتحدثين والحضور على مشاركتهم.

ثم ألقى رئيس النادي الأدبي بجدة الدكتور عبدالله عويقل السلمي، كلمة أعلن في مستهلها عن عزم النادي ترجمة كتاب الفيصل إلى اللغات العالمية، وفق برنامج (قنطرة)؛ لما يمثله هذا الكتاب من منجز.

وقال الدكتور "السلمي": "يصعب عليّ أن أتحدث أمام المدرسة التي عُرفت ببلاغة الاختصار، ورصانة الأسلوب، ورزانة الطرح؛ فجابت مفرداتها الفيافي والقفار، وواصل متأملوها الليل بالنهار.. كنا ننهل من حرفه إذا كتب ونصغي إليه إذا تحدث أو خطب".

وأضاف: "الليلة نستميح الفيصل في أن نعبّر من خلال نقاط ثلاث جلاها عنوان الكتاب: "إن لم.. فمن؟" أعقبت شرطًا منفيًّا، وسبقت استفهامًا بلاغيًّا، يفتح فاه ليبتلع كل إجابة ممكنة، أنفذ من خلال هذه النقاط الثلاث لإشارة لا تخلّ بموجز العبارة؛ لأن الفيصل علمنا بلاغة الإيجاز في لغة نتخذها باعتزاز.

وبيّن الدكتور "السلمي" أن هذا الكتاب جاء ليأخذ من كل زمان ما تقدم، ويترك لكل وقت ما تأخر.. يعيش الأيام.. ويداعب الأحلام.. ويحط الآلام.. لأن مؤلفه نبتة من هذه الأرض، ومواطن في هذا الوطن، عشقه للتراث جعله يعانق السحاب.

بعد ذلك بدأت حلقة النقاش بالندوة التي أدارها نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله المعطاني وتحدث خلالها الدكتور حسن الهويمل، والدكتور عبدالله دحلان، وحسين بافقيه، والدكتورة عزيزة المانع، والدكتورة رانية العرضاوي.

وأشار "المعطاني" خلال حديثه إلى أن صفحات كتاب الفيصل تتحرك من مدار إلى مدار وإنها مرآة ينظر ويتمنى من خلالها القارئ، فقد تجذبه جُمَله الرشيقة المقفاة بأسجاع يطرب إيقاعها الطباع العاشقة لهدير السرد المموسق والطبائع المجبولة على حب الانتظام والاتساق.

وأضاف: "إن أشد المرايا جذبًا في هذا الكتاب هو ما تجسد في الحضور الكثيف للأشعار التي شكّلت مفاصل عضوية في السرد بدت فيها وكأنها تعليقات؛ الأمر الذي أضفى على مقاطع الحديث نفسًا من جماليات الكتب العربية التراثية القائمة على الحكي الإخباري، وأضفى عليها ظلالًا من جماليات الروح الملحمي في السِّيَر الشعبية التي تُروى عن الأبطال العظام، والكتاب الذي بين أيدينا على صِغَر حجمه مكتنز الثراء في دلالات اختيار الشكل الذي خرج به ومحتشد طاقات المعنى من المضامين التي تطوف".

وقال الدكتور حسن الهويمل: "هذا الكتاب سيرة انتقائية رمزية إيجازية مجازية، ليست تفصيلية نتائج، وليست أحداثًا تحليلية، وليست تاريخًا، إنه معتصر مختصر، وعنوان الكتاب نفي وتساؤل يشكل عصفًا ذهنيًّا وتحديًّا فكريًّا.

وأضاف الهويمل، غربائية الكتاب والعنوان يمتد إلى المنهج، وإنه في تصوري قنبلة ضوئية صوتية تنبه وتضيء، ربما تكون "لماذا" ناهضة بمهمة المقدمة، وقد أشار المؤلف إلى أنها مقدمة تحتوي على ثلاثة أشواط دلالية تساؤل تقرير واعتذار عن الإحراج ونفي للمستقر أشواط الحياة ومدرسة الحياة واعتراف شجاع وما فيها من الليسيات تواضع لا ضعف".

وزاد: "قال المؤلف عن الغلاف الأخير كتاب ليس فيه أنا، ويقول القارئ بكل الأنا فيه من الأنا ينطلق وإليه يعود، والتجربة الثرية التي امتدت لسبعة عقود هي التي حلت بثقلها ولتقول من خلال جوامع الكلم الكثير من النجاحات في القليل من الكلمات، سبائك ذهبية تفيض حكمة وروية، وأنها مادة تربوية مركزة مثقلة بالدلالات".

وقال الدكتور عبدالله دحلان: "مدرسة خالد الفيصل زاخرة بفن الإدارة وحلم القيادة وطموح المبدعين والعزم والحزم في اتخاذ القرار".

وأضاف دحلان "قرأت الكتاب مرات عديدة، وتوقفت في محطات عديدة، واخترت بعضها لأن أتحدث لكم عنها، بدأت بسؤاله الأول في كتابه (إن لم... فمن!!) لماذا؟ لماذا أكتبني لتقرأني؟ لماذا أشرحني لتفهمني؟.. أنني منك وأنت مني، كلانا بأغنية الوطن نغني".

وقالت الدكتورة عزيزة المانع: "ما إن أمسكت بالقلم، حتى شعرت بحرج الموقف؛ فليس الأمر باليسير، فوجدتني أتساءل: هل يحق لي التصدي للحديث في أمسية نقدية أدبية ولست من المختصين في علم النقد الأدبي؟".

وأضافت "المانع": "الكتاب ثري في مضمونه، يمكن أن يقال عنه الكثير؛ لكني هنا سأكتفي ببعض الانطباعات حول ما شدني، أو أدهشني، أو حيرني، من هذه الانطباعات:

وتابعت: عنوان الكتاب لا زلت أذكر وقفتي الحائرة، ونظرتي متصلبة على العنوان وأنا أقرؤه للمرة الأولى! شغلني التفكير في المعنى الكامن وراء (إن لم...فمن؟).

ما الذي يجعل الكاتب يختار عنوانًا غامضًا لكتابه؟ هل هي مجرد الرغبة في إثارة فضول القارئ؟ أم أن هناك غاية أبعد؟ مثلًا هل هي الرغبة في ألا يتولد في ذهن القارئ تصور مسبق لمحتواه؟ فرغم أن الكتاب يتحدث عن تجربة ثرية تمثل حصاد ثمانية عقود مثقلة بالخبرات والتجارب؛ إلا أن الكاتب لم يوفها حقها من الاستطراد والتوسع؛ فهو يطوف بك مسرعًا عبر السنين والأحداث ويتركك تركض وراءه ظمأ لمعرفة المزيد.

وأضافت: كما أنه عندما يتحدث عن الذات، يكتفي بذكر ما كان ظاهرًا على السطح؛ فلا يغوص إلى أغوارها أو يكشف شيئًا عن مكنوناتها.

وتابعت "المانع": لغة الكتاب، كلما توالت بي صفحاته، أخذت بما فيه من جمال اللغة وذكاء العبارة، أدهشتني براعة الكاتب، في نقش الألفاظ وزخرفتها بالسجع والجناس والمقابلة، حتى لتظنه يغمس قلمه في حبر من العذوبة وحس الشاعر يسيطر على لغة الكتاب؛ حتى إنك لا تدري، إن كنت تقرأ كتاب نثر أم شعر، هذه القدرة اللغوية أدهشتني، دهشت لهذا الإبداع الجمالي في لغة الكاتب.

فيما قالت الدكتورة رانية العرضاوي: حمل الكتاب وحتى الفراغ منه، وهي أسئلة تتجاوز طلب الأجوبة، بل تذهب إلى تفتيق الرغبة في ما وراء كل سؤال بسؤال آخر متولد عنه. فهل الكتاب سيرة ذاتية للأمير خالد الفيصل؟ وهل الكتاب السؤال تصدّر عنوانه؟ وهل الكتاب وحيد أم سیلیة ردیف بعده؟ وهل الكتاب قال كل شيء عن الوطن؟ وغير ذلك من أسئلة كثيرة تحسن التخلق في ذهن المتلقي، لتستفز رغبته.

وأضافت العرضاوي: "يمكن وضع السؤال مفصلًا لهذه القراءة؛ السؤال الذي يكون في وجوده ملامح أجوبة قد وعى القراءة وبثها في خطوط متوازية مع نص الكتاب، مع محاولة فض إشكاليات جمالية وفنية في النص محورها في ذهن القاري من خلال عقباته المتنوعة.

وأعرب "حسين بافقيه" في بداية مداخلته عن سعادته بالمشاركة التي أتاحها النادي الأدبي الثقافي بجدة بحضور أمير البيان الأمير خالد الفيصل الذي يشكر على الاستماع إلى نمط ثقافي عربي قديم، فكما يقول ابن رشيق في كتابه العمدة: إن العرب لم تكن لتهنئ إلا بغلام يولد أو شاعر ينبق أو فرس تنتج، ونحن الليلة جئنا لكي نهنئ الأمير الفنان الكاتب بهذا الكتاب، وحينما ننظر إلى هذه القاعة نجد أنها تمثل كل الأطياف الثقافية من المملكة من شمالها ووسطها وجنوبها وشرقها وغربها، كل هؤلاء جاؤوا ليحتفلوا بهذا الكتاب.

وزاد "بافقيه": "أنا تناولت الكتاب بوصفه سيرة ذاتية، والأمير خالد الفيصل كتب مقدمة قال فيها: أنا لا أكتب مذكرات ولا أكتب سيرة ذاتية ولا تاريخًا ولا تقريرًا؛ إنما أكتب تجربة شخصية.. وأتصور أن النفي يستعدي الإثبات حينما يتحدث الكاتب والأديب في مقدمة كتاب بأنه لا يكتب سيرة ذاتية سرعان ما يستعدي هذا النفي إثباتًا في قراءة القارئ أو الناقد".

وتابع: "الأمير خالد الفيصل كما ذكر في الكتاب تحدث حديثًا هو أقل ما يكون أدب الاعتراف، والقارئ عادة في السيرة الذاتية يحاول أن يبحث في كتاباته عما قد يبوح به وباح الأمير بأشياء كثيرة جدًّا فعرفنا ولادته ونشأته في الأحساء وتحدث عن عودته إلى الرياض فجدة".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org