البخيل بالثناء عدو للإنسانية

البخيل بالثناء عدو للإنسانية

أنهى تقرير آخر خمس زيارات تسويقية، وقد تضمَّن عقودًا كبيرة للشركة. دخل بكل حماس على مديره المباشر متوقعًا عبارات محفزة، وثناء، وتشجيعًا على إنجازه. والمحبط في الأمر أن المدير قابل مشاعر الموظف العالية المتقدة، المقبلة بنشاط لإنجازات مستقبلية، بمشاعر باردة باهتة، لا لون لها ولا طعم، عندما قال له: "ما قصرت، ولا تنسَ أن ترسل لي نسخة إلكترونية من التقرير"!!

عادت من المشغل بـ(تسريحة) شعر جديدة، ومتجملة، ومتعطرة بأجمل العطور الباريسية، ثم دخلت مطبخها، وأعدت وجبة عشاء فاخرة، اشتملت على ما لذَّ وطاب من أشهى الأطباق، ووضعتها بشكل جذاب في فضيات رائعة من أرقى معارض الأواني المنزلية على طاولة الطعام، ثم تزينت بأجمل الفساتين، وطلبت من الزوج والأبناء القيام للعشاء متوقعة منهم الثناء على مظهرها الجديد، والأطباق الشهية التي أعدتها لهم. لهفتها لعبارة تحفيز أو كلمات جميلة انطفأت حينما قال الزوج: "ما له داعي استخدام الفضيات، اتركوها للضيوف". ثم نهض دون أن يحمد الله ويشكره، فضلاً عن الثناء على زوجته!! توالى قيام الأبناء من على سفرة الطعام دون أي جملة شكر أو تقدير لوالدتهم المسكينة!! تعلموا من والدهم البخل بالمشاعر، والقسوة المؤلمة.

سقطت دمعة من عينها حزينة من هذا الجفاف العاطفي الذي تواجهه من أفراد أسرتها.

جلس بجانب والده ليخبره بآخر المهارات التي تعلمها في مجال التصميم واستخدامات الحاسب الآلي. كان فخورًا بنفسه، مبتهجًا بما تعلم، وينتظر دعوة طيبة من والده، أو كلمة جميلة، وإذا به يفاجأ بعبارة: "أغلق جهازك، تراك أشغلتنا"!!

قصص كثيرة، ومواقف مختلفة، نشاهدها ونعايشها، تدل على بُخل واضح في الثناء والتحفيز من قِبل الكثير من أفراد المجتمع. وهذا يدل على ضعف كبير، يعاني منه البعض في معرفة أهمية تحفيز الآخرين، والاعتراف بفضلهم، وتقدير جهودهم.

من أهم مهارات الذكاء الاجتماعي استخدام المفردات الجميلة والعبارات المحفزة مع الناس من حولنا اعترافًا بجهودهم، وتقديرًا لهم، ودعم كل إنسان للاستمرار في فعل الأمور والأفعال الطيبة التي تسهم في استقرار المجتمع، وسعادة أفراده.

الثناء والتحفيز مجموعة عبارات تُقال في التوقيت والمكان المناسبَيْن بأسلوب جميل ولطيف، يُشعر الآخر بأهميته، وأهمية الدور والفعل الذي قام به.

الاعتراف بجهود الآخرين يدفعهم للاستمرار والتحسين، وفعل المزيد من الأفعال الطيبة.

كلنا بحاجة للكلمة الطيبة، ونعلم أثرها الكبير على نفوسنا.. لنجعل التحفيز من أولوياتنا، ومصدرًا إيجابيًّا، يضمن -بإذن الله- استقرار علاقاتنا بالآخرين من حولنا.

لنجعل جزءًا رئيسيًّا من اتصالنا وتفاعلنا مع البشر يتضمن مفردات محفزة، وثناء، وتشجيعًا على عملهم وطريقة أدائهم ومظهرهم. الثناء مجاني، ولكن أثره كبير على الفرد والمجتمع.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org