"السبر": حادث فلوريدا عمل محرم ومجرم ونقض للعهد

"السبر": حادث فلوريدا عمل محرم ومجرم ونقض للعهد

قال: لا يمثل المملكة حكومة وشعبًا بل ولا يمثل المسلمين عمومًا

قال إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالرياض، الشيخ محمد السبر، إن الحادث الذي وقع في فلوريدا عمل محرم ومجرم ونقض للعهد ولا يمثل المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا بل لا يمثل المسلمين عمومًا.

وقال الشيخ "السير": فيما يتعلق بحكم المسلم إذا دخل إلى بلاد غير المسلمين بتأشيرة دخول ونحوها فإنه يكون مستأمَنًا، ولا يجوز له أن يقوم بأي انتهاك لحرماتهم أو تَعَدٍّ على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولو تعدى على شيء من ذلك كان غدرًا وخيانة منه على ما ذكر العلماء؛ لأن تأشيرة دخول المسلم إلى بلادهم عقدُ أمان.. وقد ذكر ذلك الإمام ابن قدامة في "المغني" (١٢/ ٥٨٧): [مسألة: مَن دخل إلى أرض العدو بأمان لم يَخُنْهم في مالهم... وأما خيانتهم فمحرمة؛ لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروطًا بتركه خيانتَهم وأمنِه إياهم مِن نفسه، وإن لم يكن ذلك مذكورًا في اللفظ فهو معلوم في المعنى] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (4/ 164–165، 188): [فإن أمَّنوه أو بعضُهم وأدخلوه في بلادهم بمعروف عندهم في أمانهم إياه، وهم قادرون عليه، فإنه يلزمه لهم أن يكونوا منه آمنين... فأمانهم إياه أمانٌ لهم منه، فليس له أن يغتالهم ولا يخونهم.. إذا دخل قوم من المسلمين بلاد الحرب بأمان فالعدو منهم آمنون إلى أن يفارقوهم أو يبلغوا مدة أمانهم، وليس لهم ظلمهم ولا خيانتهم ... ولا نعرف شيئًا يُروَى خلاف هذا] اهـ.

فتأشيرة الدخول هي عقد أمان يوجب الأمان لطرفيه، فلا يجوز الغدر ولا الخيانة من الطرفين".

وتابع: "من هنا يتبين مدى جسامة خطأ ما يفعله هؤلاء البغاة في بلاد غير المسلمين من عمليات انتحارية وهجمات غادرة يفجعون بها من استأمنوهم وأدخلوهم إلى بلادهم، وأن هذه العمليات لا تجوز مطلقًا، بل هي متنافية مع تعاليم الإسلام التي تنهى عن الغدر والخيانة خاصة بمن أدخلوهم مستأمَنين إلى بلادهم.

وما تفعله هذه الطوائف الباغية من التعرض للسائحين والأجانب والهجوم عليهم وقتلهم، - مهما كان مبررها ودوافعها - هو افتئات على حكام المسلمين بل هو افتئات على الأمة كلها وخرق لذمتها بما يفقدها مصداقيتها".

وبين الشيخ "السبر" أن هذه الأفعال يلزم عنها مضار ومفاسد شنيعة؛ فمدار الشريعة المطهرة على جلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتعطيلها، ولا يخفى على كل ذي لُبٍّ ما تجره هذه الأعمال من مفاسد على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فمنها أنها تستعمل تُكَأَةً وذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الإسلامية والتسلط عليها بحجة ملاحقة الإرهاب، ونحو ذلك، فمن أعان هؤلاء على تحقيق مقصدهم وبلوغ مأربهم بأفعاله الخرقاء فقد فتح على المسلمين وبالًا وشرًّا، وفتح للتسلط على بلاد الإسلام ثغرًا، وأعان على انتقاص المسلمين وضعف قوتهم، وهذا من أعظم الإجرام.

ولفت إلى أن من المفاسد العظيمة أن هذه الأفاعيل الدنيئة الخارجة عن تعاليم الإسلام تزيد من ترسيخ الشائعات والاتهامات الباطلة التي يلصقها أعداء المسلمين بدين الإسلام وأهله ويريدون تشويه صورته الناصعة، وهذا كله من الصد عن الله.

وأضاف: من المفاسد العظيمة ما يترتب على ذلك من تعريض المسلمين والأقليات الموجودة في بعض البلدان الأجنبية للاضطهاد والتنكيل من قِبل المتعصبين والمتطرفين عندهم، فيتعرضون للإيذاء والترصد في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، والمضايقة في مساجدهم وقد يضطر بعضهم إلى الإسرار بدينه أو التخلي عن بعض الشعائر والفرائض. وكل هذا وذاك بسبب هذه الأعمال الخرقاء التي قام بها هؤلاء الجهلة الذين لا يدرون ما يريدون ولا ما يراد بهم، وهم يظنون أنهم يطبقون الشرع، وهم بذلك ينالهم نصيب من قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: 104] وقد نص العلماء أنه لو تعارضت المصلحة مع المفسدة فإن دفع المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة، وكلام علمائنا هذا في المصالح المحققة فكيف إذا كانت المصلحة متوهَّمة أو معدومة؟!

وأوضح أن ما يقوله هؤلاء الأغرار من أن هذه الأعمال من باب الجهاد في سبيل الله والنكاية في العدو وقد يسميها بعضهم بالغزوات فهو محض جهل ومغالطة؛ فالجهاد المشروع في الإسلام هو ما كان تحت راية شرعية وبإذن الإمام، وله ضوابطه وإلا لآل الأمر للفوضى وإلى إراقة برك الدماء بغير حق بحجة الجهاد! كما أن الغدر والخيانة لا علاقة لها بالإسلام، وليست هي من الجهاد الشريف أو الحرب المشروعة في الإسلام.

ونبه الشيخ "السبر" بأن الجهاد فريضة محكمة إلى يوم القيامة، وأن ما تقوم به الجيوش النظامية اليوم في بلاد الإسلام من حماية الحدود وتأمين الثغور وقوى الردع هو قيام بجانب فرض الكفاية فيه وأداء لما ترى أنه في استطاعتها منه، وأن ذلك يرفع عن الجهاد وصفَ الفريضة الغائبة كما يدعي هؤلاء الخوارج والأغرار ودعاة الفتن، وحتى لو كان هناك تقصير مِن قِبل المسلمين، فإنه لا يبرر بحال من الأحوال هذه الأعمال التخريبية التي تهلك الأخضر واليابس.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org