شاهد 20 عاماً من التراخي بعقبة الملك عبدالله.. "النقل" تنفي تعثرها والمحافظ يناقضها

"الحديثة" جنين أصابته الشيخوخة و"القديمة" عجوز ساءت صحتها والمواطن هو الضحية
شاهد 20 عاماً من التراخي بعقبة الملك عبدالله.. "النقل" تنفي تعثرها والمحافظ يناقضها

تصوير : سعد آل مداوي

جدد المواطنون مطالباتهم للجهات المسؤولة والرقابية بفتح ملف عقبة الملك عبدالله التي تربط محافظة النماص في السراة بمحافظة المجاردة عبر مركز خاط في تهامة، بعد قرابة 20 عاماً من البدء في إنشائها دون اكتمالها حتى الآن؛ واصفين هذه العقبة بالجنين الذي أصابته الشيخوخة وهَرِم قبل ولادته؛ لا سيما مع اضطرار المسافرين لعبور عقبة "سنان" وهي العجوز التي ساءت صحتها والمميتة التي شقها الأهالي قبل أكثر من نصف قرن دون أية وسائل سلامة، والتي راح ضحيتها الكثير من سالكيها ومرافقيهم، وكان آخرها قبل شهر؛ إصابة رئيس مركز خاط السابق وأبنائه ووفاة زوجته.

ومع أن افتتاح هذه العقبة سيضيف للمحافظات نهضةً سياحيةً تجارية كبيرة، وسيسهم في تسريع عجلة التنمية في تهامة والسراة على حد سواء؛ فهي شريان يختصر المسافات وتجذب السياح في فصليْ الشتاء أو الصيف، وبرغم مرور قرابة عِقدين من الزمن على العمل في هذه العقبة دون إتمام العمل حتى الآن؛ فإن وزارة النقل تؤكد أن المشروع غير متعثر؛ وإنما يتم العمل فيه بمراحل محددة؛ في الوقت الذي يتهم فيه محافظ محافظة النماص وزارةَ النقل بالتراخي في إتمام العمل.

بدأت تفاصيل القصة قبل 22 عاماً، أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- للمنطقة عام 1417هـ، وهو ولي للعهد في حينها، ووجّه بإنشاء العقبة كهدية لأهالي المنطقة، والتي رصدت لها ميزانيات مليونية كبيرة؛ إلا أنها لم تنجز حتى الآن؛ الأمر الذي اعتبره الأهالي تحدياً لوزارة النقل وعجزاً في إمكانياتها في أفضل الحالات، أو فساد في الترسية والتنفيذ في الحالات الأسوأ، والذي جعل الكثير من المواطنين يتهكمون على المشروع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر المجالس الخاصة والعامة.. وأنه لا يمكن قبول الأعذار في ذلك بأي حال من الأحوال؛ خصوصاً وأن طول المشروع بأكمله لا يتجاوز 19 كيلومتراً؛ ناهيك عن سوء التنفيذ في المراحل السابقة والحالية؛ حيث تكون الانهيارات الضخمة والمتعددة مع كل موسم ممطر في العقبة التي لم تنتهِ بعد؛ مما يطرح تساؤلاً عريضاً: هل تم التنفيذ بعد دراسة وإشراف هندسي بحجم هذا المشروع، أم أن ذلك لا يعدو اجتهادات شخصية من المنفذين والمشرفين؟

ومنذ عام 2010، أعلن أن التنفيذ بلغ المرحلة الأخيرة، وهي 5 كيلومترات فقط، ولم يتم حتى الآن. وفي عام 2014 وقف محافظ النماص السابق محمد بن حمود النايف، ومدير عام الطرق بمنطقة عسير السابق المهندس علي مسفر، يرافقه مهندسو ومشرفو مشاريع الطرق بالمنطقة، على سير العمل بعقبة الملك عبدالله، وأوضح "آل مسفر" -حينها- أنه تم اعتماد مبلغ تحسين وتطوير للجزء العلوي للعقبة، قدره 25 مليون ريال، وأن المسافة المتبقية للمشروع ﻻلتقاء الجزء العلوي بالسفلي لا تتجاوز 800 متر، وأنه سوف يتم ترسية ذلك الجزء على إحدى الشركات لتنفيذه؛ مما يعني أن وزارة النقل عجزت عن إنجاز 800 متر خلال 3 سنوات أو 5 كيلومترات خلال 8 سنوات.

فيما بيّن العديد من الأهالي، عدم مراعاة اتجاهات السيول، وسرعة اندفاع جريانها انحداراً، كما راهن الكثير من أصحاب الخبرة على عدم إمكانية صعود أو هبوط الناقلات والشاحنات الكبيرة؛ نظراً لشدة الانحدارات، وصعوبة الصعود أو الهبوط؛ مؤكدين أن التصميم الحالي في العقبة لا فائدة منه سوى لتنقلات المركبات الصغيرة.

عرضت "سبق" التساؤل على المتحدث الرسمي لوزارة النقل تركي الطعيمي، الذي نفى التعثر قائلاً: "لم يكن هناك تعثر؛ إنما نُفّذ المشروع على مراحل حسب الاعتمادات المالية لكل مرحلة، وقد روعي فيها المواصفات الهندسية التي تضمن السلامة لمستخدمي الطريق في جميع الظروف البيئية"؛ مضيفاً: "طول العقبة 19كم تقريباً، تم الانتهاء من أغلب المراحل، وأُدرجت ضمن الصيانة، والمتبقي 1.2كم، أسندت مؤخراً إلى إحدى المؤسسات الوطنية".

تابع: "أما طريق عقبة سنان والجزء الذي تحت الصيانة فإجمالي الأطوال بالتفصيل: طول 11.5كم ضمن عقد صيانة طرق محايل المجاردة منذ 3 سنوات يتبع الجزء السفلي، وطول 5كم ضمن الجزء العلوي، والجزء الذي تحت التنفيذ ضمن مشاريع المجموعة الثالثة بطول 1.5كم، وأعمال الأسفلت منتهية ما عدا منطقة الربط مع الجزء الجديد بطول 75متراً، وأعمال الحمايات منتهية ويتبقى 400 متر طولي فقط، ويتبقى وسائل السلامة من دهانات وعيون قطط ولوحات تحذيرية، ونسبة الإنجاز بالوصلة بلغ 95%، والجزء المتبقي بطول 1.2كم تم ترسيته على المقاول مؤخراً، واستلم الموقع منذ ثلاثة أشهر تقريباً".

كما عرضت "سبق" الاستفسار على محافظ محافظة النماص عبدالله عايض العجيري، فقال: "من أول يوم باشرت في مطلع رجب عام 1437هـ، كان اهتمامي الأول هو تنمية المحافظة؛ وخاصة متطلباتها من الخدمات، ومن أولوياتها الطرق، وعقبة الملك عبدالله، وكانت جهودنا على محورين: الأول زيارة مدير النقل بالمنطقة في مكتبه بأبها وحثه على إنهاء ما يمر بالنماص ومراكزها من طريق الطائف أبها، وإنهاء المتبقي من عقبة الملك عبدالله، ثم تلا ذلك عدة مخاطبات رسمية لحثهم على الإنجاز".

وأوضح: "المحور الثاني بحث ذلك في إحدى اجتماعات المجلس المحلي بالمحافظة، والرفع لأمير المنطقة، وأيضاً تم حث والتنسيق مع بعض الأهالي المخلصين للمتابعة لدى الوزارة والفرع في ذلك، والحقيقة أن المحافظة بحاجة ماسّة لفتح فرع للنقل في المحافظة، الذي اعتمد منذ عدة سنوات وتراخت وزارة النقل في ذلك"؛ مستدركاً: "بفضل توجيهات ومتابعة أمير المنطقة وسمو نائبه، تم تسليم المقاول مشروع إنهاء الجزء المتبقي من عقبة الملك عبدالله، وبدأ العمل فيها، وإن شاء الله أن تُنجز في المستقبل القريب".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org