قطار الجنوب إلى جدة.. شريان حياة للملايين وحلم يتمسك به سكان جنوب السعودية

سيجعل من جازان رقمًا مهمًّا في الاقتصاد
قطار الجنوب إلى جدة.. شريان حياة للملايين وحلم يتمسك به سكان جنوب السعودية

أكثر من 700 كم تربط بين أقصى جنوب السعودية ومنتصف غربها على ساحل البحر الأحمر، ويربط بين النقطتين طريق بري وجوي. ويستغرق الطريق البري ٦ ساعات تقريبًا لقطع هذه المسافة بالسيارة، بينما تستغرق نحو ساعة واحدة بالطائرة. ومع مرور الأعوام، وازدياد التعداد السكاني في كلتا المنطقتين، واتساع الحاجة للتنقل للعبادة أو العمل نظرًا لتزايد المنشآت الاقتصادية فيهما، باتت الحاجة إلى سكة القطار لافتة على اعتبار القطار وسيلة نقل غير مكلفة، ومتوسطة في الوقت، وأكثر أمانًا من التنقل بالسيارات بين المنطقتين.

فكرة المشروع

قبل سنوات طويلة بدأت فكرة الربط بالسكك الحديدية بين جنوب السعودية وساحل الحجاز، وخرجت، واستبشر المستفيدون بتلك الوعود كثيرًا، وما زالوا على أمل عودتها لخدمة المناطق البعيدة التي تربط بين أقصى الشمال وأقصى الجنوب عبر منطقة مكة المكرمة أيضًا، على اعتبار أن هذه الخطوة ستختصر الوقت والجهد والتكلفة، وتقلل نسبة الحوادث للراغبين في السفر إلى الشمال الغربي على سبيل المثال بدلاً من السفر بالسيارة لمدة تزيد على ٢٤ ساعة أحيانًا نظرًا لمشقة البعد، فيضطرون للراحة والنوم خلال المسافة التي تقدر بـ١٧٠٠ كم على الأقل.

الفائدة للجميع

ليست منطقة جازان الوحيدة التي ستستفيد من مشروع الربط الحديدي بينها وبين الشمال والحجاز، بل إن مناطق الجنوب والحجاز والشمال ستكون مترابطة؛ فالمسافة على سبيل المثال بين القنفذة والعاصمة المقدسة نحو 350 كم، وهما في المنطقة الإدارية ذاتها؛ وهذا يعني أن الربط الجنوبي الشمالي سيكون نفعه كبيرًا على المناطق بشكل عام، وهو ما أكده مسؤولون في الخطوط الحديدية سابقًا. ولا تقتصر المطالبات بدور القطار على نقل الركاب، بل ترتفع إلى الدور التنموي المنشود من مساهمته في نقل البضائع والمواد الخام أو المواد المصنعة؛ لتسهم في إنجاز البنى التحتية للمشاريع التي تشهدها المناطق في الجنوب والشمال ومناطق الساحل الغربي بشكل عام؛ لما تقبل عليه تلك المناطق من مستقبل اقتصادي مزدهر، ومشاريع تنافسية عالمية.

وأوضحت وزارة النقل في إحصائية عام ٢٠١٨ أن عدد الإصابات من جراء الحوادث المرورية بلغ 13221 عام 2018م، مقابل 17632 عام 2017م، وبلغ عدد الإصابات 1075 العام الحالي، مقابل14481 العام الماضي. مشيرة إلى أن الأسباب الأساسية للحوادث المرورية المؤدية للوفيات تتمحور في القيادة المتهورة للسائقين، أو غفوتهم وانشغالهم، إضافة إلى دهس الإبل السائبة، وانفجار الإطارات، فضلاً عن نقص في عناصر السلامة.

وفي أغسطس ٢٠١٩ شهدت مدينة جدة الرقم الأعلى لعبور المركبات على مداخلها؛ إذ بلغت 5.2 مليون مركبة بمعدل 167 ألف مركبة يوميًّا، بمتوسط سرعة بلغ 103 كيلومترات في الساعة.

والأرقام السابقة من الحوادث المرورية في عموم السعودية، ومن بينها طريق الساحل، أو عدد دخول المركبات إلى جدة، تؤكد أهمية إنشاء سكة القطار التي تربط بين جازان وجدة باعتبار جدة بوابة مهمة من الجنوب للشمال والغرب.

الدراسات والأرقام

وكشفت الدراسة المنشورة على موقع المؤسسة العامة للخطوط الحديدية أن خط القطار جدة -جازان يربط منطقة جازان بمدينة جدة بطول ٦٦۰كلم.

وقد أوضحت الدراسات أن عدد المسافرين لعام ٢۰١٢ على هذا المسار سيصل ما بين ۸۸٤،۰۰۰ و١،١٣٤،۰۰۰. أما في عام ٢۰٢٥ فمن المتوقع أن يصل الرقم ما بين ١،٥٢٥،۰۰۰ و١،٩٥٦،۰۰۰ راكبًا.

واعتبرت الدراسات أنه يعزز من أهمية هذا الخط النمو الاقتصادي المتصاعد لمنطقة جازان، كما أن الحصة المتوقعة للسكة الحديدية في مجال النقل تقدر بـ 5.5 % سنويًّا؛ وذلك بناء على مقدار الحمولة على المسار نفسه لعام ٢۰١٢ الذي يتوقع أن يكون بين ١،٢١۰،۰۰۰ و١،٥۸٣،۰۰۰ طنًّا. أما في عام ٢۰٢٥ فإن الرقم المتوقع هو ما بين ٢،٤٣۸،۰۰۰ و٣،١٩١،۰۰۰ طنًّا.

وقد حددت الدراسات مسار هذا الخط ليكون موازيًا للطريق العام الساحلي الذي يخدم طرقًا رئيسية عدة، كما يخدم أيضًا منطقة جازان الاقتصادية.

ويتضح للمتابعين أن العام السابع بعد ٢٠١٢ انتهى قبل أن تُسمع صفارة القطار في أرجاء الجنوب، أو حتى تدق مسامير سكته في أراضي الجنوب.

البيئة مهيأة

ويقول عضو مجلس الشورى، الدكتور سعيد بن قاسم الخالدي المالكي، لـ"سبق": تتميز منطقة جازان بموقعها الجغرافي الفريد في جنوب غرب السعودية، وبتنوع طبيعتها بين سهل وجبل وسواحل وجزر، وكذلك كونها منطقة زراعية من الدرجة الأولى، ووجود مدينة جازان للصناعات الأساسية على ساحلها، إضافة إلى كونها منطقة سياحية، وخصوصًا في فصل الشتاء، وترتبط بمنطقة عسير بطرق محورية مهمة. وهذه المميزات جعلت منطقة جازان تتوافر فيها الكثير من المقومات الاقتصادية والصناعية والسياحية. وما وجود مدينة جازان للصناعات الأساسية إلا دليل كافٍ على تلك المقومات، ونجاح مشاريعها الضخمة؛ ليعود نفعها على اقتصاد السعودية والمواطن.

وأضاف: وبناء على ذلك فإن هذه المنطقة تفتقر إلى ربطها بمدينة جدة بسكة حديدية، تسهم في دعم هذه المقومات؛ إذ لا توجد وصفة سحرية لحل الكثير من المشاريع وتنمية المناطق مثل وجود مشاريع الطرق البرية والسكك الحديدية. وتماشيًا مع رؤية السعودية 2030، ودعمًا لما ذكر أعلاه من المقومات، فمن المهم الإسراع في مد السكة الحديدية بين المناطق، وخصوصًا مدينة جازان؛ فقد أثبتت السكك الحديدية في دول متقدمة كثيرة أنها من أفضل الحلول لنقل الركاب والبضائع، وهي اللبنة الأولى للتنمية المستدامة.

واختتم حديثه بالقول: إن الإسراع في تنفيذ السكة الحديدية بين مدينتَي جدة وجازان سيمرّ بثلاث مناطق، هي منطقة مكة المكرمة، ومنطقة عسير، ومنطقة جازان، وسيخدم كذلك منطقتَي الباحة ونجران، وسيسهم مع النقل البري في نقل البضائع والمنتجات الزراعية والحيوانية والخامات من وإلى الكثير من المدن؛ وهو ما سينعكس إيجابيًّا على الاقتصاد الوطني الذي يسير وفقًا لرؤية واضحة نحو اقتصاد صناعي وتجاري وتنموي متنوع ومتطور.

ومن جهته، قال الكاتب الصحفي أحمد بن حسين الأعجم لـ"سبق": إن سكة حديد جدة - جازان ستكون رافدًا كبيرًا لتحقيق أهداف رؤية ٢٠٣٠ في زيادة الناتج المحلي غير النفطي؛ فجازان هي سلة غذاء السعودية زراعيًّا، وهي أيضًا الجبل والسهل والجزر سياحيًّا.. وإذا أضفنا لذلك سد احتياجات المدينة الصناعية، وأيضًا توزيع منتجاتها، فأعتقد أن تنفيذ هذا المشروع الحيوي سيجعل من جازان رقمًا مهمًّا جدًّا في منظومة الاقتصاد الوطني مستقبلاً.

التصريحات السابقة وبقايا الأمل

في أغسطس عام 2014 أكد الرئيس العام للمؤسـسة العامة للخطوط الحديدية محمد السويكت أن تنفيذ مشروع الخط الحديدي بين جدة وجازان سيبدأ قريبًا، وهو من أولويات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بعد أن توقف في وقت سابق، ويجري تحديثه حاليًا. مشيرًا إلى أنه سيخدم شريحة كبيرة من التجمعات السكنية، ويخدم كذلك الاقتصاد الوطني بشكل كبير جدًّا، وذلك في ثنايا لقاء أجرته معه الزميلة "الاقتصادية".

وفي ديسمبر من العام نفسه كشف وزير النقل عبدالله المقبل في إجابته عن سؤال للزميلة "الوطن" حول تأخُّر إنشاء مشروع قطارات في بعض مناطق السعودية أن منطقة تبوك والمنطقة الجنوبية ستكونان قريبًا من المناطق التي ستشهد إنشاء باكورة شبكة قطارات. مبينًا أن هناك دراسة أجرتها الوزارة لإنشاء قطارات في عدد من المناطق بالسعودية، منها المنطقة الجنوبية ومنطقة تبوك. وأكد أن هذه الدراسة هي الآن في وضع التدقيق النهائي، وستُعلَن مراحل تنفيذ هذه المشاريع والمبالغ المرصودة لها قريبًا. جاء ذلك عقب وصول وزير النقل إلى منطقة تبوك في زيارة مفاجئة لمشاريع وزارة النقل بتبوك.

ومعرفة المستجدات وتفاصيل وحال المشروع ومستقبله الذي غاب عن المشهد منذ آخر تصريح صحفي تطلب من "سبق" توجيه الأسئلة إلى هيئة النقل والرئيس المكلف لمؤسسة الخطوط الحديدية حول المشروع ومستقبله وحاضره. وإلى هذه الساعة لم تصل أي تفاصيل منذ ما يزيد على ثلاثة أيام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org