أظهرت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره التركي رجب أردوغان ما تعانيه السياسة التركية الخارجية من تهور ومغامرات غير محسوبة يدفع ضحيتها الشعب التركي وشعوب المنطقة لأهداف شخصية يسعى وراءها الرئيس "أردوغان"، فشهوة الحضور الدولي ونزعة استباحة الدم سمة راسخة ومتجذرة في شخصية الزعيم التركي .
وخلال الرسالة وبّخ ترامب الرئيس التركي بعبارات قاسية وكأنه يوبخ أحد موظفيه بمفردات غابت معها الدبلوماسية واللطافة المعهودة التي تجري عادةً بين الرؤساء في مراسلاتهم لغة قاسية وخطاب عنيف يتضمنه التهديد والتحذير، لكن المراقبين للسياسة الخارجية التركية يرون أن رسالة البيت الأبيض المسرّبة والتي أكدها الجانب الأمريكي تثبت أن الحكومة التركية تتخبط في سلوكياتها ودخلت في معارك لا هدف منها غير الاحتلال وفرض الهيمنة التركية وعكست نفاد صبر الإدارة الأمريكية من البلطجة التركية والتدخلات الخارقة في شؤون العرب .
"لا تكن أحمق .. لا تكن قاسياً ..سأنظر لك كشيطان".. عبارات خرجت من الزعيم الأمريكي في رسالته للرئيس التركي قبل إطلاق العمليات العسكرية في سوريا لتعكس التدهور في العلاقات بين البلدين، فهي تمر بمرحلة حرجة على عكس ما يردده الإعلام التركي هذا خلاف ما شهدته سابقاً من فتور وتجاذبات بسبب القس الأمريكي والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها إداراة ترامب .
وعاد ترامب ليلوح ويهدد بفرض عقوبات اقتصادية جديدة للأتراك إذا لم يوقفوا حمام الدم وتهجير المدنيين في سوريا بحجة ملاحقة عناصر إرهابية -كما تصفهم أنقرة- لكن الهدف لاجتياح الأراضي السورية هو مشروع التمدد والهيمنة الذي كان عنوان السياسة التركية منذ سنوات .
ويحاول "أردوغان" كسب أصوات الداخل التركي الذي يعاني أصلًا من غلاء المعيشة وتضييق لحريات التعبير وقمع للصحافة ودون مبالاة بالقوانين الدولية وسيادة الأراضي السورية ولم توقفه التنديدات الدولية والعربية، لكن هذا الحشد الشعبي العاطفي لمواطني دولته لن يستمر لو فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات اقتصادية جديدة ستنعكس على المعيشة والأمن والحياة الاجتماعية .