مشاريع الفقراء..!!

مشاريع الفقراء..!!

الجمعيات الخيرية واستثماراتها بالملايين من الريالات أين تذهب..؟! هذا السؤال سأجيب عنه بالنيابة وأنا في وضع افتراضي على نحو: يذهب ريعها ومداخيلها المادية - أي الجمعيات - للفقراء والأرامل والأيتام، ولكن ذلك يتم في حساباتهم، وأرصدتهم المجمدة على طريق الداخل مفقود، والخارج بالكاد يذكر.. بمعنى أن أغلب المشاريع من عمائر وشقق ومحال تجارية ومؤسسات تابعة للجمعيات هي في الغالب تستثمر نفسها بنفسها، ومساعدات الميسورين من الناس وفاعلي الخير من التجار ورجال الأعمال الباحثين عن المثوبة والأجر العظيم..!!

وما إن ينتهي مشروع تقوم على بنائه ومتابعته وإنجازه جمعية هنا وأخرى هناك للمساكين والمحتاجين والمستفيدين من مساعداتها وما تقدمه لهم إلا وتبدأ في مشروع آخر جديد، سواء سكنيًّا أو مجمعًا تجاريًّا بهدف استثماره لصالح الفقراء؛ ما يجعل تفكيرها في هذه الحالة منصبًّا على الاستثمار، وكيفية إنشاء المشاريع الجديدة والمباني الحديثة لتأجيرها في المستقبل من باب الاعتماد على نفسها؛ ليذهب ريعها - كما هو تصوُّر الجمعيات العام - للمستهدفين من الفقراء والمحتاجين المشتركين في سجلاتها..!!

في حين أن المطلوب من الجمعيات أن تدفع للفقراء من المشاريع السابقة، وما تحصله من مردودات مالية نتيجة استثمارها مباشرة، ومن مساعدات مختلفة، بدلاً من السباق المعتمد على بناء مشاريع تلو المشاريع دون أن يكون هناك فترة زمنية محددة، لا تقل عن خمس سنوات على الأقل بين المشاريع وما تم إنجازه حاليًّا، وما بين خططها المستقبلية أو التي هي في طور التفكير..!!

الفقير يحتاج للدعم المستمر دونما انقطاع ولو كان قليلاً من كثير؛ إذ هو يقيس الأمور على طريقة عصفور في اليد أفضل لديه آلاف المرات من عشرة عصافير بعد عامين من الانتظار.. الذي ربما قد يطول لمواصلة الجمعيات عملية الاستثمار المستمر؛ فما إن تحصل ريع المشروع السابق إلا وتبدأ في بناء آخر، بينما الفقير يرى أن مصيره تحكمه اللحظة..!!

وقبل أن أختم لا بد من التأكيد أنه ليس ثمة مانع في اعتماد الجمعيات الخيرية على جهودها الذاتية، والسير نحو الاستثمار في بناء المشاريع تلو المشاريع، ولكن ليس بهذه الصورة الأقرب للتكرار للحد الذي يكون هاجسًا على حساب الدفع المباشر للفقراء أولاً بأول.. فبناء مشروع سكني - مثلاً - أو غيره يكلف الجمعية الملايين، وحين تبدأ المداخيل تقوم ببناء مشروع آخر مباشرة بالمبلغ المحصل.. وهنا لا بد من وضع وقت زمني في البناء، لا يقل عن سنوات خمس؛ لكي لا يشعر الفقير بأن عليه الانتظار للانتهاء من المشاريع لتقديم المساعدات له..!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org