أفغانستان.. إلى التطرُّف أم التطوُّر؟!

أفغانستان.. إلى التطرُّف أم التطوُّر؟!

هناك مَثل شعبي يقول: "ما استبقاك مَن عرَّضك للأسد".

مَن يعتقد أنَّ أمريكا هُزِمَتْ في أفغانستان فهو واهم، ومَن يرَ أنَّ ما حدث ستترتب عليه أحداث إقليميَّة وعالمية كُبرى فذاك أقرب للحقيقة.

واشنطن تُشجِّع التطرُّف في آسيا الوسطى ، ولكن بطريقة اللعب مع القوى الإقليميَّة في المنطقة، كإيران وروسيا والهند وتركيا، رغم أنَّ الباكستان هي بوصلة الحركة السياسية الاستراتيجية في مُستقبل أفغانستان إلاَّ أنَّها المُستهدف الأوَّل من هذا التطرُّف وذاك التحوُّل.

لماذا تم تهيئة جلوس المتشددين على عتبة الحُكم الأفغانية، وتربعهم على كُرسي التطرُّف؟ وماذا يعني غِياب الاعتدال وتواري الوسطيَّة؟!!

إنها الإحلال.. الظلام بديل للنور، والتأخُّر بديل للتقدُّم، وضرْب الأشباح - في نظر أمريكا - مع بعضهم.

إنَّ الملف الأفغاني مُقلقٌ جدًّا للدول المُجاورة، وحاضرٌ بقوَّة لدى الدول الكُبرى.

المرحلة القادمة لمستقبل أفغانستان مرحلة يكون فيها للفكر المُتطرِّف دولة وكيان يحكمها، وهويَّة يسعى لنشرها.

عندئِذٍ سيكون الإغراق في مُستنقَّع الحرب الأهليَّة العرقية حاضرًا؛ فالطوائف الدينية المُختلفة حاضرة أيضًا، وهذا ما ستعمل عليه بعض القوى الإقليمية والكبرى، وقلْب الساحة الأفغانية للاقتتال دون تطوُّر يُذكر، أو انتصار يُسجَّل، بل سيكون لتجارة السلاح أرض تُطلب، ولتهديد الجيران هويات تتربَّص، وللخصوم الكبرى تداعيات تُفهم.

اللعب على التناقضات ديدن السياسة العالمية، واستقطاب العقول واستعصارها فيما يخدم المصالح المُشتركة، واللعب بالخطوط البديلة بما يخدم المصالح العُلیا للدول الكُبرى، واقتناص مثل هذه الفُرص من ثرى الأرض ورحم التطرُّف، بما يُذكي المؤامرات، ويُصقل المُخططات.

حينما تواردت اللقاءات، وتعاقبت الاجتماعات بين مسؤولي طالبان من جهة والحكومة الأفغانية من جهة أُخرى.. أعقبها لقاءات بين الأمريكان وطالبان، وكل ما حدث اليوم هو مُخطَّط ومرسوم له، وتلك طبيعة المصالح.. صديق الأمس عدو اليوم، وعدو اليوم صديق الغد.. وهكذا شطرنج السياسة العالمية لا يزال يتحرَّك بأيدٍ خفيَّة، وهويَّات ثقيلة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org