التغريدة الكندية: حماقة مدفوعة!

التغريدة الكندية: حماقة مدفوعة!

تروقني كندا، قضيت فيها سنوات جميلة في العقد الماضي، ولي فيها ذكريات ومواقف لم أنسها إلا حين استحكمت الرعونة بتحركات الحكومة الليبرالية تجاه بلدي، واستخدام وزارة خارجيتها الأسلوب المتعالي والأوامر فيما يخص قرارات أمنية سعودية، وتجاه مواطنين سعوديين.

مهلاً كندا، فالرياض ليست تابعة إلا لحكامها، ملكنا هنا، ولا ندفع جزية كاوتاوا لملك خلف المحيط، رعونة وتهور تؤكد أن السياسة لا تُعلم في المدارس أو الجامعات، بل هي فطرة وتربية، وعلى الزميلة الكاتبة والإعلامية "كريستيا فريلاند" - قبل تعيينها وزيرة للخارجية- أن تقدم مصلحة كندا على مصالحها الشخصية من خلف المواقف الممولة، فبعد احتفالها بيوم ميلادها مطلع الشهر الجاري، سارعت الوزيرة وفي اليوم التالي ليوم ميلادها بتغريدة مستفزة، لأفكر ملياً عن هوية الهدية التي تلقتها الوزيرة مقابل التهجم وإقحام بلادها في "أم الأزمات" والتي تتجاوز كونها دبلوماسية أو تجارية إلى ما هو أبعد من ذلك، وما سيستمر الكنديون يدفعون ثمنه سنوات.

نعلم أن كثيراً من الصحف الأجنبية، أو حتى العربية مليئة بالأبواق التي تتحرك وتكتب حسب مصالحها المادية سواءً بشكل مباشر أوغير ذلك، ولكن الوزيرة الكندية نقلت خبراتها في التسلق إلى عملها الحكومي، لذا فلا عجب حين يهاجمها الكنديون أنفسهم بمختلف فئاتهم، كوزير الخارجية الكندي السابق "جون بيرد"، والذي قال في معنى حديثه (طلب الإصلاح لا يكون بواسطة التغريدات، بل يكون بالحديث المباشر)، ليظهر أن التغريدة كانت للاستهلاك الإعلامي، وإظهارها -أي: فريلاند- بمظهر البطل.

لم يكن بحسبان وزارة الخارجية الكندية ووزيرتها، أن تغريدتها التي حملت تدخلاً "وقحاً" بشأن داخلي سعودي، ستكون القشة التي قصمت ظهر بعير العلاقات السعودية الكندية، فالسعودية الحليمة جداً كانت طوال أشهر ترصد تجاوزات من الجانب الكندي وسفارتها بالمملكة وقنصلياتها، ولكن تأبى أن تتعامل معها إلا بالحلم والتأني السياسي الذي عرف عن الرياض وولاة أمرها، ولكن حين تظن أن تعامل المملكة تجاه التجاوزات سيكون ليناً كما هو ظاهر، أو تستفرد عضلاتك لكونك عضواً في مجموعة "G7" الاقتصادات السبع العظمى، أو لكونك دولة عملاقة في مجالات مختلفة، أو خلافه، فأنت تماماً مخطئ.

الأزمات الدبلوماسية التي مرت بها المملكة، خلال العقد الماضي مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت أن "قصر الحكم" السعودي ليس قوياً فقط وخطواته مدروسة، ويتحرك مستخدماً ذراعاً اقتصادية مؤثرة، بل وأيضاً ينطلق من ثقة مطلقة من شعب مخلص وفي.

هي ليست "بروباجاندا" إعلامية، تهدف للتأثير على المتلقي، فالمتلقي اليوم أكثر قدرة من سواه لمعرفة الحقيقة بواسطة التقنية، ولكن لننظر على سبيل المثال في الوسوم أو "هاشتاقات" في "تويتر"، ليس فقط على مستوى المملكة أو الشرق الأوسط، بل وحتى العالم ككل، فكم من وسم وطني سعودي احتل الصدارة بين جميع الوسوم العالمية، ولا أذكر وجود تصويت في أي موقع عالمي تضمن المملكة، لم يعلن السعوديين فيه وبالقوة أنهم شعب لا يخسر حتى في أتفه الأمور.

تويتر: @SALEEH10

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org