تأجيل التأمين الصحي والخطاب الاكتواري!

تأجيل التأمين الصحي والخطاب الاكتواري!

تبذل حكومة خادم الحرمين الشريفين جهودًا مضنية وأموالاً طائلة في سبيل إنجاز مستهدفات رؤية 2030 لتحقيق برنامج "جودة الحياة".

والرعاية الصحية تنضوي تحت برنامج جودة الحياة من بين الاثني عشر برنامجًا التي حددها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بأنها ذات أهمية استراتيجية للمملكة؛ وذلك من أجل تحقيق الأهداف التي تضمنتها رؤية (عشرين ثلاثين) التي تركز بشكل أساسي على جعل السعودية أفضل وجهة للعيش للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

لقد أضحى التأمين الصحي الوطني البديل الأنسب، وضرورة ملحة، لكنه تحدٍّ كبير أن يُنفَّذ بالوضعية والثقافة التنظيمية الحاليتين؛ إذ تبيِّن مؤشرات مجلس الضمان التأمين الصحي الذي يرأسه وزير الصحة أن إجمالي المؤمَّن عليهم نحو أحد عشر مليونًا، منهم مليونان ونصف المليون توفره لهم سبع وعشرون شركة تأمين صحي معتمدة لدى المجلس مؤهلة لتقديم الخدمة الصحية من خلال شبكة مرافق صحية، قوامها خمسة آلاف منشأة.

بثلث عدد السكان يجد المؤمَّن له صعوبة في الحصول على الخدمة الطبية الاحترافية لدى القطاع الصحي الخاص والعام بالمستوى المأمول، فما بالكم لو تم تنفيذه إلزاميًّا لثلاثين مليون نسمة..؟!

فلو سلمنا بصحة البيانات ودقتها فإننا نحتاج فعليًّا إلى ثلاثة أضعاف المنشآت الصحية المتوافرة حاليًا لتطبيق لبرنامج التأمين الصحي الوطني المجاني.

فنرجح أن سبب تأخير التأمين الصحي الوطني لأربع أو خمس سنوات هو التحدي الكبير الذي تواجهه الجهات المختصة لمواءمة تطبيقه مجانًا للمواطن ضمن برنامج جودة الحياة (عشرين عشرين) بمنشآت كافية، وجودة عالية بالسعر المناسب، والتغطية الشاملة، مع متطلبات وثيقة التأمين.

لقد ألمح معالي وزير الصحة مؤخرًا في لقاء تلفزيوني إلى قناعته بنموذجَي التأمين الصحي الوطني البريطاني والكندي. فمن نافلة القول توضيح بعض مميزاتهما وعيوبهما..

فعلى الرغم من ارتباط النموذجين بالضريبة على دخل المؤمَّن له بنسبة من ٢٥ إلى٤٠٪ إلا أن تغطيتهما لا تتجاوز ٥٠٠ ألف دولار تقريبًا.

تتباين التغطية في كندا بين الولايات الفقيرة والغنية؛ فيطلب (الكندي) التعزيز بتأمين إضافي في حال تجاوُز تكاليف المريض السقف الائتماني وعلاج العيون.

في حين تشمل التغطية (للنموذجين) الحوادث، والإسعاف الجوي والبري، العمليات والتنويم والفحوصات.. ما عدا الأورام، الأسنان، الأدوية والمشردين؛ فلهم أحكام أخرى متفاوتة بين البريطانيين والكنديين.

الركيزة الأساسية والعامل المشترك لبرامج التأمين الصحي الوطني في العالم قاطبة هو طبيب الأسرة والمجتمع، وهو الأمر الذي ما زال يشكل استقطابه وتأهيله لدى وزارة الصحة معضلة!

أما الإدارة الصحية بالمستشفيات فإنها لا تحتمل أقل من معدل (الصفر) بمعايير الجودة وسلامة المرضى..

فهل يا ترى ستنجح وزارة الصحة في إنجاز مستهدفات برنامج جودة الحياة؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org