الوسطية وأساليب الإخوان

الوسطية وأساليب الإخوان

ابتُليت المجتمعات العربية والإسلامية بالعديد من الجماعات الإرهابية التي تتخفى وراء لافتات حزبية براقة، وتتخذ الإسلام ستارًا للتغطية على أنشطتها البعيدة كل البعد عن طبيعة الدين السمحة، ومبادئه التي ما جاءت إلا خيرًا للبشرية ورحمة للإنسانية.

وظلت تلك الجماعات مصدر تهديد للمجتمعات، وسببًا للمشكلات، ومنبعًا لحالة عدم الاستقرار؛ وذلك لارتباط شعاراتها بالدين؛ وهو ما يؤدي إلى انخداع كثير من الشباب الذين ليس لديهم إلمام بالعلم الشرعي الصحيح، إضافة إلى البسطاء الذين يحملون عاطفة دينية متأججة في دواخلهم.

في مقدمة تلك الجماعات تبرز الجماعة التي أطلقت على نفسها "الإخوان المسلمين"، التي تأسست أواخر ثلاثينيات القرن الماضي بزعامة حسن البنا. ومنذ ظهورها قامت على مبادئ خاطئة، وقواعد باطلة، مثل اللجوء إلى العنف والتشدد، وتأسست على مبادئ العمل السري، وخلطت بين الدين والدعوة، وربطت الإسلام بغايات وأهداف سياسية، وعملت على تقسيم المجتمعات، وجعلت كل من خالفها الرأي عدوًّا، ينبغي إسكاته وقهره بأي شكل، ومهما كان الثمن.

ومع أن المجتمع السعودي يمتاز بخاصية رئيسية، يتشارك فيها الغالبية العظمى من أفراده، هي أنه مجتمع وسطي مسالم، لم يعرف العنف سبيلاً إليه، إلا أن الجماعة المحظورة أولت اهتمامًا خاصًّا لاختراق ذلك المجتمع، وعملت بشتى السبل على تجنيد أفراده، وبذلت جهودًا ضخمة لتحقيق تلك الغاية؛ وذلك إدراكًا منها لخصوصية السعودية، وما تحتله من مكانة فريدة وسط دول العالم كافة؛ بوصفها حاضنة الحرمين الشريفين، وأرض الرسالة، ومنبع النور؛ وهو ما يمنحها مكانة روحية خاصة لدى ما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم، ينتشرون في مختلف قارات العالم. كذلك فإن من أسباب التركيز الإخواني على السعودية ما تتمتع به – بحمد الله - من ارتفاع في مستوى دخل الأفراد نتيجة لمكانتها الاقتصادية المتميزة وسط دول العالم؛ لذلك سعت الجماعة كثيرًا إلى اختراق المجتمع السعودي بحثًا عن قاعدة من الأتباع، تتيح لها الحصول على موارد مادية لتمويل أنشطتها الإرهابية. لكن رغم كل ذلك خاب فألهم، وفشلت محاولاتهم كافة على مدار العقود الماضية، ولم يستطيعوا سوى تجنيد أعداد ضئيلة، انخدعت بسراب شعاراتهم البراقة الكاذبة.

وقد فطنت كثير من الدول إلى خطورة تلك الجماعة، وبادرت إلى حظر أنشطتها، وتصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية، وعملت جاهدة لاستئصالها من مجتمعاتها. وفي مقدمة تلك الدول السعودية التي تعاملت مع الخطر الذي تمثله بطريقة مثالية؛ فهي لم تكتفِ بالجانب الأمني أو القانوني؛ بل ركزت على الجانب الفكري؛ فعملت وسائل الإعلام على تنوير الشعب بحقيقة الإخوان، واهتم رجال الأدب والثقافة والعلم الشرعي بالهدف نفس؛ لأن الأفكار التي يحاول أتباع العنف الترويج لها ينبغي مواجهتها بفكر صافٍ مستمد من روح الإسلام الأصيلة ومبادئه الحقيقية.

في إطار تلك الجهود يتأهب فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة نجران لتدشين موسم توعوي متكامل، يبدأ اليوم في المساجد، يشتمل على محاضرات وندوات تثقيفية لتبصير المصلين بالخطر الذي تمثله تلك الجماعة على السلم والأمن، وتوعية المجتمع وتحصينه ضد الأفكار المنحرفة والهدامة، والتحذير من خطر الجماعات والأحزاب الإرهابية. وتستمد هذه الجهود أهميتها من أنها تخاطب الفئات المستهدفة بصورة مباشرة، دون الحاجة إلى وسيط.

ومجتمع نجران الذي عُرف منذ الأزل بالوسطية والتسامح والتعايش بين أفراده من أتباع المذاهب كافة، وامتاز بالحضارة العريقة الضاربة في جذور التاريخ، لن يكون – بإذن الله - تربة مناسبة لغرس الفتنة أو حشائش التطرف وطفيليات الإرهاب. وشأنه شأن المناطق كافة في السعودية، سيتمسك بالوسطية والاعتدال التي تسعى القيادة الرشيدة لترسيخها في هذا العصر المزدهر لتجاوز كثير من المعوقات التي كانت تعترض سبيل الإصلاح بسبب نظرات ضيقة، وآراء متشددة، ورؤى فردية خاطئة؛ لذلك ستظل السعودية مركزًا للنور، ونبراسًا للحضارة، ومنارة للعلم الشرعي الصحيح، كما أراد لها الله سبحانه وتعالى هذا الدور، واختصها للقيام به.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org