"ساهر" أرهق الجيوب يا مرورنا العزيز؟!!

"ساهر" أرهق الجيوب يا مرورنا العزيز؟!!

عبَّر الكثير من المواطنين والمقيمين عن امتعاضهم إزاء بعض العقوبات في نظام المرور، خاصة ما يتعلق بالغرامات المالية عبر (كاميرات) ساهر، أو من قِبل أجهزة رجالات المرور "الراجلة"!! فلا شك أنها تعتبر من العقوبات الرادعة، وينبغي أن تُدرس بعناية، وأن تكون رادعة؛ لتؤدي إلى منع مثل هذه المخالفات المرورية. لكن الملاحظ أن (أغلبها) مرتفع جدًّا؛ لأن الهدف من العقوبة هو إحداث الألم لدى مَنْ يخالف النظام (القانون).. هذا الألم قد يكون ألمًا اقتصاديًّا، يؤدي إلى خسارة كبيرة له. فليس من قطع الإشارة سهوًا كمن يسرقها سرقًا في رابعة النهار.. نعم، العقوبات المالية - بلا شك - تعتبر من العقوبات الرادعة.. لكن القيمة المالية ترهق الجيب. فالمخالفات المرورية تخضع لما يسمى بـ"السياسة التشريعية"؛ فلا ينبغي أن نبالغ في المخالفات أو المبالغ المالية؛ حتى لا تنحرف عن هدفها؛ لأننا نعرف أن الغرامات ليست وسيلة للجباية أو التحصيل أو زيادة إيرادات الدولة، وإنما هي وسيلة للردع، وهي تمثل العقوبة، عكس الضرائب؛ وبالتالي المخالفات المرورية يجب أن تُقاس بمدى استجابة الناس، والحد من ظاهرة المخالفات المرورية. ولا شك أنه بقدر ما يكون هناك عقوبات رادعة ينبغي أن يكون هناك أيضًا وسائل للاعتراض وللتيقن من أنه ليس هناك ظلم ضد من يرتكب مخالفات مرورية. ولنا في طريق "خريص" مثال حي (فقد قامت إدارة السير بمرور الرياض قبل أشهر عدة بتحديد السرعة عبر جسر الخليج شرقًا بـ50، وتم زراعة "ساهر" معللة بذلك بوجود إصلاحات للجسر، ستستغرق "أعمال الصيانة به" ثمانية أشهر حسب إفادة المرور. وقد استاء الجميع من هذه الخطوة غير المدروسة في تحديد السرعة لا عقلاً ولا منطقًا.. بل تعتبر المرة الأولى التي تم فيها تفعيل ساهر عند السرعة 50كم. ولأن الخطوة لم تكن مدروسة بناء على السلامة المرورية للجسر فقد تم تعديل السرعة إلى 70 بعد شهرين؟!!). السؤال: هل سيتم إرجاع أموال من تم اصطيادهم خلال الفترة الماضية؛ لأن تبريرها الذي تقدمت به لم يكن منطقيًّا، وغير صحيح؛ والدليل أن إدارة المرور تداركت هذه الخطأ الفادح؛ وتم تعديله.. (دون تقديم أي اعتذار)؟!! الآن العقوبات المالية الخاصة بأنظمة السير في أغلب دول العالم ليست ذات غاية ربحية، بل هي تهدف لتغيير السلوك في الدرجة الأولى؛ وبالتالي هناك بدائل للعقوبات المالية؛ فيتم تفادي الوصول بالمخالفين إلى هذه المرحلة، ومعاقبتهم بجزاءات (عقوبات بديلة)؛ وبهذا يتحقق الهدف المعني، وهو تقليل المخاطر، ورفع الثقافة المرورية لسلامة المجتمع كله..

لذا نأمل إعادة النظر في قيمة المخالفات المرورية، مع ضرورة الإسراع في إنشاء المحاكم المرورية أو مكاتب للتحكيم المروري، ويكون بها قضاة أو أشخاص إداريون محايدون لحفظ حقوق الطرفين. وتستطيع الكاميرات أن تحدد نوع المخالفة الخطيرة من عدمها، سواء كانت قطع إشارة أو سرعة؛ لأنه أحيانًا تتحول السرعة من (120) فجأة إلى (90) أو (80)، دون وضع لوحات إرشادية "مشاهدة"؛ لأنه من الصعب أن (يبحلق) السائق ليبحث عن لوحة لا يتجاوز قطرها 30 سنتيمترًا، مع أن أغلب هذه اللوحات تالفة أو مختفية (متوارية) خلف الأشجار؛ وهو ما يصعب معه على أي سائق ماهر فطن رؤيتها.. ومن الطبيعي جدًّا أن لا يتحكم في السرعة المطلوبة؛ لذا نقترح أن يتم طلاء 500 متر كجزء من الطريق بلون معين يوضح أن السرعة تحولت لسرعة أخرى. كما أن هناك أيضًا عقوبات غير مادية، يجب أن تُطبَّق، كإيقاف (خدمات الرخصة) حال وصول السائق للنقطة المحرمة (24). فالحد من الاستهتار وضبط الشارع واجب على رجال المرور، لكن بدون مبالغات في تسجيل المخالفات كتسجيل (مخالفات) الوقوف أمام الأسواق (المولات)، أو في الأماكن التي ليس فيها خطورة أو تأثير على حركة السير، خاصة عند (تصوير) لوحات المركبات المخالفة، أو عدم مراعاة كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة؛ إذ يتم تسجيل (تصوير) المخالفة بسرعة عالية بدون إعطاء الشخص فرصة، أو أن يتم توجيهه، أو تحذيره بعدم الوقوف، مع أن هناك أماكن مهمة، ولكن لا يتم رصد المخالفات فيها؟! لذا يجب الاستفادة من طرق تعزيز السلوك لمن يلتزم بنظام المرور.. مثلاً: حذف بعض المخالفات، أو تخفيض الرسوم عن بعضها، في حال عدم حصول "السائق" على مخالفات مرورية طيلة الأشهر الستة الفارطة. كما أن هناك نظامًا (معمولاً به دوليًّا)، يقوم على أساس إعطاء القاضي (قاضي المحاكم المرورية) إمكانية الحكم أولاً على المتهم بعدد (مجموعة) من الساعات كخدمة للمجتمع؛ فبدلاً من أن يحصل المخالف على غرامة مالية من الممكن أن يدفع نصف قيمة المخالفة، والنصف الآخر يحكم عليه عوضًا عن ذلك بالعمل مدة (15) أو (30) ساعة عبر المشاركة في برامج المسؤولية الاجتماعية (خدمة للمجتمع). كما يجب أيضًا أن تكون العقوبة من جنس العمل أو نحوها، كأن يلزم قاطع الإشارة بالتوعية بأنظمة المرور، وأهمية التقيُّد بإشارة المرور، أو أن يلزم بخدمة مصابين من حوادث مرورية من جراء تجاوزهم الإشارات المرورية لمدة يوم أو ثلاثة أيام أو أسبوع، أو يتم إلزامهم بحضور محاضرات توعوية مكثفة، يقدمها قياديون بجهاز المرور. كذلك يتم أخذ المخالفين في باصات لمستشفيات النقاهة والعلاج الطبيعي؛ ليعايشوا على أرض الواقع الحالات التي وصل إليها بعض أقرانهم من جراء السرعة الجنونية أو قَطْع إشارات المرور، دون أن يتم دفع قيمة مخالفات مرورية، بعضها تعادل (ستة أضعاف مكافأة الطالب الجامعي، وأربعة أضعاف أجرة العامل البسيط)؟!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org