حارِبوها فإنها "نتنة"

حارِبوها فإنها "نتنة"

ما حدث في الوسط الرياضي خلال الأيام الماضية، وقبيل ديربي العاصمة بين النصر والهلال، من تصريحات رؤساء النصر والهلال والشباب، وما واكبها من تداعيات لإعلاميين وغيرهم، لا بد أن نقف عنده كثيرًا، ولا نسمح لأي كان بأن يستخدم الرياضة لتكون شرارة، يزرع من خلالها التنافر والحقد والعنصرية والكراهية بين الجماهير؛ فبلا شك إنها تهدد سلامة المجتمع أمنًا وفكرًا وثقافة.

لا أقبل من رئيس نادٍ أيًّا كان أن يطلق تصريحات بهذا الشكل، ولا أقبل من رجل إعلام، يحمل أمانة القلم والفكر والثقافة والكلمة، أن يكون وقودًا، يشعل من خلال حديثه وكتاباته وتعليقاته مدرجات الجمهور.

اليوم ليس كالبارحة؛ فتعدد وسائل الإعلام، وتغلغلها داخل المجتمع، وسرعة وصولها وتأثيرها، لا شك أنه أمرٌ يجب أن يؤخذ في الحسبان.. كما أننا عندما نضع هذا الرئيس أو ذاك على كرسي الرئاسة، أو نستضيف هذا الإعلامي أو ذاك عبر شاشة التلفاز، أو يُستكتب من خلال عمود في هذه الصحيفة أو تلك، فليعرف كل منهم أن هذه أمانة ورسالة ومسؤولية، لا يمكن العبث بها والتأثير على المجتمع والجمهور بشكل سلبي لا يخدم الأهداف الوطنية، ولا يمثل الروح الرياضية، ولا ينشر ثقافة التسامح.. ويجب ألا نسمح لأي كان عن قصد أو بدون قصد بأن يوقعنا في مستنقع التعصب الذي تمقته وتحاربه أخلاقنا وديننا.

أتألم كثيرًا عندما أسمع من البعض أن التعصب هو روح الرياضة، وأن الإثارة هي ملح الرياضة، ويصورون لنا ثقافة لا نعلم من أين يأتون بها! وهم - بلا شك - قد يجهلون معنى التعصب، ولا يفهمون ثقافة الإثارة، وكأنهم يريدون منا أن نسير وفق قناعاتهم التي جعلتنا ننظر للرياضة على أنها ميدانًا للسب والقذف والتناحر والتنافر.. فليس من المقبول أن نسمح لهذا الغث بأن يتسيد المشهد والكلمة، ويصدر لنا مثل هذا الجهل عبر المنصات الإعلامية أيًّا كانت، سواء خاصة أو عامة، مؤسسات أو أفرادًا.. وعلينا أن نسن الأنظمة واللوائح، ونفعِّلها بعقوبات رادعة، تحمي الوطن أولاً، والمجتمع ثانيًا، والأجيال من ثقافةٍ العالمُ يحاربها.

ومن هنا أشكر إدارة مكافحة التطرف برئاسة أمن الدولة التي سارعت للتأكيد عبر حسابها في تويتر أن العنصرية والكراهية والفُرقة والحقد والإقصاء كلها أعداء للأديان والأوطان والإنسانية.. وقالت: "العنصرية والكراهية والفُرقة والإقصاء سلوكيات متطرفة، تسعى إلى زعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة والوطنية، ووسائل التواصل ساعدت في بثها والترويج لها". وطالبت بعدم نشرها، وأكدت مواجهتها دعاتها من أي اتجاه كانوا.

هذه رسالة لكل من يحاول العبث بعقول المجتمع، والاستهتار بمسؤولية الكلمة والمكان الذي يعمل من خلاله.. وعلينا اليوم أن نقف يدًا واحدة بكل الوسائل لمحاربة هذا الفكر وتلك الثقافة بالوسائل كافة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org