منتدى الرياض الاقتصادي يشدد على إصلاح المالية لتنمية الإيرادات غير النفطية

جلسة اليوم الثاني تَضَمّنت طرح دراسة تفصيلية بمشاركة عدد من المختصين
منتدى الرياض الاقتصادي يشدد على إصلاح المالية لتنمية الإيرادات غير النفطية

شهد اليوم الأربعاء، الثاني لمنتدى الرياض الاقتصادي، نقاشات موسعة خلال استعراض دراسة المنتدى التي حملت عنوان "الإصلاحات المالية العامة وأثرها على التنمية الاقتصادية في المملكة"، والتي قدمت تحليلًا متعمقًا ومفصلًا عن الإصلاحات الاقتصادية؛ في إطار برنامج تحقيق التوازن المالي.

وطرحت هذه الدراسة في جلسة عُقدت برئاسة مساعد وزير المالية للشؤون المالية الدولية والسياسات المالية عبدالعزيز بن متعب الرشيد، وقدّمها في الجلسة الدكتور محمد بن عبدالله آل عباس، وشارك في مناقشتها محمد بن فهد العمران رئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية، وعبدالمحسن بن عبدالعزيز الفارس.

وأكدت الدراسة، ضرورة ترشيد الإنفاق الجاري غير المنتج، مثل الإنفاق على الإدارة العامة والإعانات، ومتابعة الفجوة القائمة بين الإنفاق الفعلي والوارد بالميزانية؛ للوقوف على الأسباب وسبل المعالجة، والإفصاح عن ذلك في إطار من الشفافية، بالإضافة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية، من خلال إصلاح منظومة الضرائب والرسوم الجمركية ومعالجة الاختلالات المؤثرة في بيئة الاستثمار الخاص.

وقال "الرشيد": لقد شهدت الحكومة -خلال السنوات الثلاث الماضية- تحولات ضخمة خاصة فيما يتعلق بالعمل الجماعي المشترك بين القطاعين العام والخاص والمنظمات الدولية والقطاع غير الربحي، وتلك هي أهم أولويات الإصلاح.

وأضاف: النمو الاقتصادي في المملكة ارتبط بشكل مباشر بالإنفاق الحكومي؛ وبالتالي ارتفاع النمو مع زيادة الإنفاق، كما أن سياسة الإنفاق المرتبطة بحجم الإيرادات سياسة تضخم الآثار الإيجابية في حال زيادة الإيرادات وأيضًا تضخم الآثار السلبية في حال انخفاض الإيرادات العامة.

وأردف: سعت المملكة -من خلال فترات طويلة- للتقليل من هذا الارتباط بين زيادة الإنفاق، ولكن الإغراق في زيادة الإيرادات كان يتغلب على مسألة الضبط واستقرار الإنفاق الحكومي عبر الدورة الاقتصادية.

وعن استقرار الإنفاق الاستثماري، تابع "الرشيد": مع هذا التذبذب في الإنفاق تاريخيًّا يتزايد الإنفاق الجاري والذي يشكّل جزء كبير منه تعويضات العاملين. وفي حالات النقص غير قابلة للتراجع.

وأضاف: استقرار الإنفاق الاستثماري في الميزانية مهم جدًّا حتى لو كان النمو ضعيفًا، وهو ما يحقق الكفاءة الأعلى في القطاع الخاص.

وشددت الدراسة، على مراجعة سبل تقليل العجز بالميزانية بالاعتماد على مدخرات حقيقية في التمويل وتخفيف اللجوء إلى الاقتراض العام الداخلي حال مزاحمة القطاع الخاص، وإلى الاقتراض الخارجي خاصة القروض قصيرة الأجل، إضافة إلى مراجعة أطر الإنفاق متوسط المدى 3- 5 سنوات من حيث أسس تقدير أدوات الميزانية في ضوء المؤشرات الفعلية وبيانات وتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي، والالتزام بالقواعد المالية المحددة لحجم الإنفاق الحكومي في الأوقات العادية لزيادة الحيز المالي، مع قدر من المرونة في تطبيق هذه القواعد، والتجاوز عن هذا القيد في فترات الركود؛ خاصةً في ظل عدم بلوغ المملكة الحجم الأمثل للإنفاق الحكومي.

اتساق أهداف السياسة المالية ورؤية 2030

وقد شددت الدراسة على طرح سيناريوهات مختلفة للسياسات المالية التي تتوازن مخرجاتها مع المستهدفات الكمية للمتغيرات الاقتصادية المعنية برؤية المملكة 2030، والسيناريوهات البديلة لأدوات السياسة المالية ومعدلات النمو أو التشغيل المستهدفة في عام 2023، أو لمعدلات مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة أو الاستثمار الأجنبي المباشر أو الصادرات السلعية غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي في سنة الهدف.

ومن شأن تدارس هذه السيناريوهات وتأثيراتها الكمية؛ الخروجُ بالسياسة المالية من نطاق التركيز فقط على الانضباط المالي في المدى المتوسط 2023 إلى نطاق أوسع وأشمل؛ للتأثير الكمي للسياسة المالية في الأجل الطويل 2030 وما بعدها.

التأثير على النمو الاقتصادي

وأوضحت دراسة منتدى الرياض الاقتصادي، أنه يتعين لتقويم أثر الإصلاحات المالية في النمو الاقتصادي في المدى الطويل، مراعاة التوسع في الإنفاق الموجّه لتنمية رأس المال البشري والبنية الأساسية لأثره الإيجابي في النمو، ورفع كفاءة الاستثمار العام والاختيار الدقيق لأوجه الإنفاق؛ وفقًا لأولويات التنمية وبما يعظم عائد الاستثمارات العامة، وأيضًا التنسيق المستمر بين وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي بشأن توافق توجهات السياسات المالية، وبشأن هيكل المديونية وسبل تمويله لتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار المالي المحفز للنمو، وتأكيد فاعلية مشاركة وزارة الاقتصاد والتخطيط مع وزارة المالية في تقرير القواعد والاعتماد الفعلية والقطاعية بما يتوافق ومستهدفات واستراتيجيات خطط التنمية الخمسية للمملكة.

التنويع الاقتصادي ودعم التنافسية الدولية

وقالت الدراسة: إنه يجب توفير البناء المؤسسي لاستهداف التنويع الاقتصادي؛ من خلال إنشاء لجنة عُليا تحت إشراف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تختص بوضع خطة وطنية للتنويع الاقتصادي بأهداف كمية وتوقيتات زمنية محددة، تنبثق منها استراتيجيات وسياسات وبرامج عمل تشارك في صياغتها وتنفيذها وزارة المالية والاقتصاد والتخطيط والتجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار، وغيرها من الأجهزة الرسمية ذات الصلة، ومع ممثلين من القطاع الخاص والجامعات والمراكز البحثية، وبمسؤوليات والتزامات محددة لكل طرف يتم على أساسها المتابعة والرقابة وتقويم الأداء. إضافة إلى تفعيل دور المركز الوطني للتنافسية المُنشأ حديثًا في تطوير البيئة التنافسية والارتقاء بترتيب المملكة على الخريطة العالمية؛ من خلال الاختصاصات الموكولة إليه.

منظومة التجارة الخارجية

وقد أوصت الدراسة، بالتوسع في إنشاء المناطق الحرة المخصصة لأغراض التصدير، وفي إقامة العناقيد الصناعية ذات الروابط التشابكية، وتعزيز الحماية الجمركية للصناعة الوطنية من خلال وضع قواعد منظمة لتسجيل المصانع المؤهلة لتصدير منتجاتها للسوق المحلي، والارتفاع بسقف المواصفات القياسية للحد من الواردات غير المطابقة للشروط والمواصفات، وقصر واردات الأجهزة الحكومية على ما لا يُنتج محليًّا، وزيادة الرسوم الجمركية المطبقة لتصل إلى مستوى التعريفة المربوطة.

كما ركزت الدراسة على تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة القائمة، ودور البوابة الإلكترونية للموردين الصناعيين لتدارس إمكانيات إحلال المنتج الوطني كبديل للاستيراد، وكذلك تطوير آلية منح الإعفاء الجمركي وتسهيل الإجراءات وقواعد رد الرسوم الجمركية، ومراجعة قوائم الواردات الخاضعة للضريبة الانتقائية؛ بما يحقق هدف ترشيد الاستيراد من السلع الكمالية، وربط قِيَم الإعانات والمساندة المالية للشركات الوطنية والأجنبية، بمدى مساهمتها التصديرية أو نِسَب المكون المحلي، أو ربطها بالتصدير لمنتجات أو أسواق معينة.

دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة

وبيّنت الدراسة، أنه في مجال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحسين بيئة الاستثمار الخاص والنهوض بمستويات التشغيل، يجب مراجعة القرارات الخاصة بالمقابل المادي على الوافدين والمرافقين ورسوم الخدمات المحلية والتأشيرات لتأثيراتها السالب على بيئة الأعمال وأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وخاصةً المقابل المادي على العمالة الوافدة، وكذلك مراجعة رسوم الخدمات البلدية، مع مراعاة عدم المغالاة في معدلاتها، وتفادي العشوائية في إصدارها.

ولفتت الدراسة إلى الحد من المنافسة غير العادلة من خلال الرقابة الصارمة والجزاءات الرادعة لعمليات التستر التجاري، ومن خلال إحكام الرقابة على المنافذ الجمركية لمنع استيراد السلع المغشوشة وغير المطابقة للمواصفات، وإتاحة التمويل الميسر من صناديق التنمية المتخصصة ومن البنوك التجارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

تحسين كفاءة الإنفاق العام

وذكرت الدراسة، أنه يجب التحقق من شمول الميزانية لكافة بنود الإنفاق العام؛ وفقًا لمبدأ وحدة شمولية الميزانية، والإفصاح عن أسس ومعايير بنود الإنفاق العام والمعايير الحاكمة لعمل المناقلات بين القطاعات وبنود الميزانية، إضافة إلى تبني مبادرة الانتقال التدريجي من موازنة البنود إلى موازنة البرامج والأداء "إحدى مبادرات الدراسة" لدور هذه الأخيرة في النهوض بمستويات أداء وكفاءة الأجهزة الحكومية.

تحسين كفاءة الاستثمار العام

وشددت الدراسة على أهمية تفعيل دور المراكز المعنية بالإشراف ومتابعة وقياس أداء الاستثمار العام، مع تبني المبادرة المقترحة بالدراسة والخاصة بتطبيق منهج "PIMA"؛ لقياس كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، والتحقق من توافق مستهدفات مشاريع الاستثمار العام للجهات المختلفة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وكذلك التحديد الواضح لأدوار الأجهزة الحكومية في تقرير الاستثمارات العامة ومستهدفاتها وأولوياتها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org