تحسباً للأزمات المفتعلة.. رؤية استراتيجية لزيارة ولي العهد للثلاثي الآسيوي

يقدمها "القحطاني" ويقول: عشرات الاتفاقيات تفتح أعين الغرب وتستثير قادتها
تحسباً للأزمات المفتعلة.. رؤية استراتيجية لزيارة ولي العهد للثلاثي الآسيوي

أكد الخبير الأمني والإستراتيجي اللواء طيار متقاعد عبدالله بن غانم القحطاني لـ"سبق"، أن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لكلٍ من باكستان والهند والصين تختلف عن سائر الزيارات السابقة الثنائية بين المملكة، وأن هذه الدول الثلاث الكبرى تدرك أهمية ومردود علاقاتها بالسعودية على المدى المتوسط والطويل وتعلم أن الرياض لديها حجم مشاريع هائلة جداً وأن الدخول معها استراتيجياً بأي شكل يعني تحقيق مصالح مستدامة ومغرية عبر مشاريع تنمية غير مسبوقة وبعضها غير معلن في هذه المرحلة، وهي على قدر كبير من الأهمية.

وأوضح: "المتابع لهذه الزيارات يجدها تأتي في توقيت مهم وحاسم تتشكل فيه إرادة دولية، من ضمنها المملكة لمواجهة الإرهاب ومصدره الأول في العالم، وهي ثورة إيران الإرهابية التي تهيمن على إيران بالقوة، وقد جاءت هذه الإشارة ضمناً في البيان المشترك السعودي الهندي".

وأضاف: "هذه الزيارة التاريخية المختلفة شكلاً ومضموناً للأمير تم خلالها إبرام عشرات الاتفاقيات الهامّة مع هذه الدول التي لم تكن وليدة اللحظة وإنما سبق دراستها وتقييمها مسبقاً بعناية شديدة ومتناهية برؤية سعودية بتوافق مع هذه الدول الثلاث المهمة في المشرق التي تعلم يقيناً بأهمية رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ وهذا واضح جداً في هذا الزخم الكبير ومظاهر الاستقبال والحفاوة المختلفة بولي العهد -وفقه الله"-.

وتابع: "شراكات استراتيجية بهذا الحجم وبهذا النمو افي العلاقات الثنائية والتوافق السياسي والأمني في مجمل القضايا العالمية بين المملكة وهذه الدول الشرقية الثلاث الأكبر مساحة والأكثر سكاناً وجميعها متقدمة في الصناعات الثقيلة وفي التقنيات الدقيقة، وهي كذلك من الأكثر تأثيراً عسكرياً على سطح الأرض وفي الفضاء إضافة إلى أن الدول الثلاث نووية بشكل كامل على الجانبين المدني والعسكري وعلى الجانب البحثي، وبما أن الحال كذلك فلا يمكن بأي حال أن تقوم شراكات سعودية اقتصادية وثقافية وصناعية وسياسية وغيرها مع هذه الدول المهمة ثم تكون هذه الشراكات بمنأى عن شراكة أخرى استراتيجية ومؤثرة على بقية أوجه التعاون وهي الشراكة المخابراتية الشاملة وضمنها المعلوماتية الآنية".

وبين: "هذا طبيعي بل ومتوقع أن تقوم هذه الشراكة الاستخباراتية والتعاون المعلوماتي على ضوء ما تناولته الزيارة وما نتج عنها من توافق وضمنه الضغط على أي جهة تدعم الإرهاب والتطرف وتثير عدم الاستقرار في العالم، وعلى ضوء هذا التقارب المهم في كافة المجالات. والحقيقة أنه لا يمكن لأي متخصص أن لا يتصور قيام تعاون ثنائي على الجوانب الاستخبارية العسكرية والأمنية بين الرياض وإسلام آباد ودلهي وبكين كل على حدة، وقد يتطور إلى تنسيق جماعي في هذا المجال، وهذا غير مستبعد في ظل الرؤية الاستراتيجية لسمو ولي العهد وسعيه إلى إزالة التوتر بين الهند والباكستان".

وأردف: "والمهم في جانب التعاون الاستخباري والمعلوماتي القائم أو القادم بين المملكة وهذه الدول الثلاث وخاصةً الصين هو أن تدرك عقول الأجهزة الاستخبارية والمعلوماتية أن بعداً جديداً في هذا النطاق يستدعي استباق الأحداث وتأهيل القدرات التي يتطلبها الموقف، فهذه الدول متقدمة جداً على الجانب الاستخباري والمعلوماتي تقنياً وفنياً وعلمياً ولديها إدارة متقدمة لجمع وتحليل وتوزيع الاستخبارات وتمتلك أقساماً عربية قوية وفاعلة وقائمة وتعمل بكل الأشكال".

واستطرد: "إن التعاون الاستخباري السعودي مع دول الشرق في هذه المرحلة تحديداً سيفتح أعين الغرب المخابراتية وسيستثير قادتها ورؤساء دولها وكبرى شركاتها، ومن المحتمل جداً أن يضعوا مسارات عمل جديدة ومختلفة تجاه المراقبة وجمع المعلومات وصولاً للتجسس والتضليل والتجنيد المحلي بهذه الدول الأربع للتأثير على هذه الشراكات التي تعني تقارباً له ما بعده".

وزاد: "وعلى من يستغرب مثل هذا الطرح أن يضع نفسه في مكان مؤسسات مختلفة في أوروبا والغرب إجمالاً، وحتى إخوتنا الأتراك على ضوء حملاتهم الشرسة ضد السعودية ثم يفكر بمنظورهم تجاه زيارة الأمير سمو ولي العهد محمد بن سلمان الناجحة بمخرجاتها للهند والصين والباكستان ليرى أن أولئك الأصدقاء جميعاً ينتابهم في الواقع شعور بالقلق خاصةً وأن الفكر والنهج القيادي السعودي بكافة أدواته أصبح مبادراً ويصنع لنفسه مسارات تتوافق ورؤيته التي تلبي أمنه الوطني ومنطقته العربية، كما أنه قادر على التموضع بهدوء ولكن بدهاء تبعاً للمتغيرات والمواقف وأصبح منفتحاً على الجميع، ولدى هؤلاء وخاصة في القارة العجوز ومنظمات الابتزاز السياسي الغربية (الحقوق) المرتبطة بأجهزة استخبارات مختلفة توجساً عميقاً لما ستفضي إليه علاقات كهذه بين السعودية وعمالقة الشرق وخاصة مع الصين هذه القوة القادمة ببطئ نحو الريادة بما لديها من قوى مختلفة تنمو بسرعة مذهلة".

وفصل قائلاً: "إن التعاون والشراكات وحجم الثقة واستراتيجيات المصالح المختلفة يأتي ضمنها تعاون معلوماتي شامل يحمي الإنسان ويساعد على بناء المزيد من الثقة والتقارب بين المملكة وأصدقائها في المشرق، وهنا لا يمكننا اعتبار محاربة الإرهاب وبناء أدوات ردعه وتوفير وسائل محاربته على أنها خارج استراتيجية الشراكة وربما التكامل في أجزاء من المجال الاستخباري بمفهومه الواسع، ويدخل ضمن ذلك بلا شك تمارين أمنية وبناء وسائل مشتركة تمنع قيام الإرهاب وتقطع الطريق على من يدعمه من خلال الابتزاز ودعم إرهاب إيران وأذرعها الذي يمارسه على سبيل المثال الاتحاد الأوروبي الصديق وبعض أعضائه المنافقين".

واختتم "القحطاني"، قائلاً: "أخيراً فإن على المفكر الاستخباري المحلي والخليجي والعربي المحيط أن يضع كلام سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الصين والهند والباكستان وغيرها بالشرق الأقصى منطلقاً للعمل وفق مفهوم تحول كبير محتمل يجب فهمه والاستعداد له والتحسب لمؤثرات قد تفتعل أزمات وأعمالاً إرهابية لإعاقة استراتيجية إيجاد الحلفاء الموثوقين عبر المصالح في أماكن أخرى وهو تحديداً ما يقوم به الأمير، ولا بد أن يدرك الجميع أن جهات صديقة في الغرب أساءت للمملكة عبر قضية خاشقجي المفتعلة وغيرها بشكل لا تحتمله أي دولة أخرى، ولابد أن أصدقاءنا في الصين لديهم المقدرة الكاملة لأخذ مكان البعض في أي مجال تنموي عظيم بالمملكة، ولن نتفاجأ بمشاريع عملاقة بمشاركة الصين والهند والباكستان تفوق بحجم استثماراتها وأبعادها ومساحتها وأدوارها مشروع نيوم السعودية".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org