من قتل الثمامة؟

من قتل الثمامة؟

الثمامة اسم غني عن التعريف لدى سكان وزائري الرياض، وظل لسنوات طويلة المتنزه البري الوحيد والأشهر في العاصمة، ولا يمكن لأي زائر لهذه المدينة إلا أن يحضر إلى هذه المنطقة، ويستمتع بالأجواء الجميلة، ويشاهد العائلات تستمتع في الهواء الطلق بالألعاب النارية والدراجات الهوائية، وشُرب الشاي على الحطب، وجميع المشروبات الساخنة والآيسكريم، خلاف العادات المرتبطة بفصل الشتاء، كالحطب وشوي الذرة وغيرهما.. وهي طقوس درج عليها أهالي الرياض وزائروها، وتُعتبر – بحق - تغييرًا مهمًّا لروتين الحياة اليومي الذي تعيشه الأسر في العاصمة. ولا يوجد مكان بديل حاليًا عن هذا الموقع، ويعتبر فعلاً بازارًا بريًّا مكشوفًا.

ومما ساعد على ذلك أن الثمامة على اسمها منتزه بري، بمعنى أنك لا تشاهد المباني الأسمنتية والطوب والخرسانة مطلقًا؛ وهذا سر تميزها، واستمتاع الزوار بذلك؛ ليعيشوا في أجواء تنقلهم بعيدًا عن مواقع مشابهة لمساكنهم، وفي الوقت نفسه قريبة من المدينة؛ فلا يتجشمون عناء السفر؛ فالمكان قريب وسهل الوصول؛ ولذلك استحق وسام الدرجة الأولى بدون منازع لحصد منتزه الرياض البري الأول.

ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ كنا نعتقد أن هذه المنطقة لا يمكن أن يصلها البناء بحكم المواصفات التي ذكرناها سابقًا، والتي تعتبر صمام أمان لأي منطقة في العالم من غزو العمران والحضارة؛ فتميزها ببساطتها، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ إذ بداء الامتداد العمراني يتحرك رويدًا رويدًا؛ ليخنق المنطقة، ويهدد بالقضاء عليها بعد فترة قليلة من الزمن. ولا نخفي سرًّا إذا قلنا إن الثمامة تلفظ أنفاسها الأخيرة إذا لم يتم تدارك الوضع، وإيقاف البناء؛ فالجميع يتحملون المسؤولية، بدءًا من أمانة الرياض التي سمحت بالبناء على المخططات، ووزارة البلديات التي سمحت بإقامة مخططات في هذه المنطقة؛ لتخنق امتدادها الشاسع، وكذلك هيئة تطوير الرياض التي لم تحرك ساكنًا لإيقاف تدمير أكبر منتزه بري في الرياض.

عندما تشعر في العاصمة بأنك تحتاج للابتعاد عن المدنية والحضارة قليلاً فما عليك سوى التوجه للثمامة، ومشاهدة الناس على طبيعتهم، سواء الزائرون الذين يخلعون لبس الماركات وأجمل الثياب، ويستبدلونها بالملابس العادية، ويمارسون طقوسهم بدون تقييد المولات الفخمة، كما تشاهد البائعين وكأنك في بازار تراثي، يعرضون فيه أكلاتهم ومشروباتهم لمدد محددة، إلا أن المسألة هنا تختلف بأنها طوال العام.. فهل تستمر كذلك أم يكون للتمدد العمراني رأي مختلف؟

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org