قطر في اليمن.. وحكاية (الصديق المنافق)

قطر في اليمن.. وحكاية (الصديق المنافق)

كتب: علي الحازمي

ربما لا أحد حاليًا على الإطلاق - وربما دائمًا - يتفوق على القيادة القطرية في لعبة التناقضات المقيتة. وعلى طريقة (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) فإن قطر استطاعت فعلاً أن تكون ذات أوجه؛ فهي صديقة العدو، وعدوة الصديق؛ وهي جامعة بذلك؛ وتستدعي في ذاكرة أشقائها المقولة التاريخية لنابليون: "عدو صريح خير من صديق منافق"؛ إذ كان من المفترض من قطر أن تكون عدوًّا صادقًا ظاهرًا – وهذا ما أكدته أفعالها - لا أن تظهر بمظهر الصديق والشقيق، ولا يصدقها شيء مما تقوم به، بل هي أيضًا يصدق عليها المثل الدارج (شين.. وقوي عين).


وإذا كنا قد سمعنا وتأكدنا من اعترافات المسؤولين القطريين بصداقتهم مع العدو الإسرائيلي، وتناقضهم في اللحظة نفسها بالقول إن حزب الله الإرهابي هو "المقاومة"، فإن هذه فقط بداية الغثاء؛ فهي بغباء سياسي مطلق تحاول إقناع الأشقاء بالتزامها، وهم يرونها كيف تتقارب مع الأعداء؛ فهي صديقة إسرائيل، والداعية للتقارب مع إيران (مصدر الشرور والإرهاب في العالم).


وفي الوقت نفسه هي صديقة الولايات المتحدة، والمؤيدة لـ"حماس"، والمستضيفة لزعماء منظمة (الإخوان).. هي - بلا شك - مزيج عجيب من التناقضات المضحكة التي قد لا تُستغرب ضد الغير إذا علمنا أنها قادمة من بلد انقلاب الابن على أبيه.


غير أن القيادة القطرية لم تكتفِ بتلك العجائب والخيانات؛ فها هي تطعن التحالف العربي في خاصرته، في الوقت الذي تدعي فيه أنها تقف معه، وترسل ثلة من الجنود، تقوم في الوقت نفسه بدعم الحوثي والمخلوع صالح، فأي انفصام هذا؟ وأي خيانة تلك؟!

إن خيانة قطر للتحالف العربي في اليمن لا يمكن اعتبارها إلا بمنزلة إعلان حرب، وهي بذلك تتفوق على إيران في الحرب بالوكالة؛ وذلك بالجمع بين الحرب بالوكالة والحرب بالخيانة! وهي خيانة مُركَّبة لكل المواثيق الأخوية والدولية.. وهي طعنة قاتلة في خاصرة المواطن العربي، والقطري وتحديدًا، بتشويه صورته في ثقته بقيادة تنحدر لهذا المستوى. ولكنها لن تنجح أبدًا في فصم عرى الأُخوَّة ورابطة الدم بين الشعوب الخليجية؛ وهو ما سيقود - إن شاء الله - إلى بتر العضو الفاسد.


وعودة إلى صورة الصديق المنافق.. فقد دأبت القيادة القطرية - وبشهادة مسؤولين يمنيين من حزب المخلوع صالح والانقلابي الحوثي - على تأكيد الدور القطري القديم والمتقادم في دعم من خان بلده قبل كل شيء، غير أن قطر خانت كل البلدان العربية والمبادئ والقيم؛ فلا بأس لديها بدولة أو دولتَيْن.


شرور القيادة القطرية لم تتوقف هناك مدعومة بسُمِّ الأفعى الإعلامية الرخيصة؛ فقد وُجِدت في تغذية الإرهاب في البحرين وليبيا وتونس واليمن ومصر. والشواهد كثيرة، ومنها استضافة قطر ودعمها يحيى الحوثي في قصة شهيرة، والزيارة الأشهر لأمير قطر السابق لليمن في 2007م، وهِبَات بالمليارات لتغذية الإرهابيين والانفصاليين بتألق كبير لنظام الحمدَيْن في دعم الانقلابي الحوثي، كانت نتيجته خطاب شكر بمرتبة وصمة عار لا تُمحى.


هذه المواقف الغثة تزامن معها نقضٌ مستمرٌّ من القيادة القطرية لكل المواثيق مع الأشقاء في مجلس التعاون؛ فلم تتوقف عن التدخُّل في شؤون شقيقاتها، ولا عن التحريض الإعلامي الساقط، ولا عن أساليب التضليل المختلفة.


وإذا كانت القيادة القطرية بمفهوم الانفصام المَرَضيّ المزمن ترى أن المقاطعة التي أقامتها الدول الأربع - كأبسط حقوقها بعد تعرُّضها للخيانة - "بمنزلة إعلان حرب دون دماء"، كما قال أحد مسؤوليها، فماذا يمكن اعتبار كل الخيانات القطرية، وطعنها الخاصرة العربية والخليجية والأخوية؟!!


إنَّ إعلان الحرب على قطر هو مبدأ رفضته الدول الأربع، لكنَّ هذه الدول في الوقت ذاته لن تسمح بالمزيد من الحماقات، ولا الانتهاكات، ولا الخيانات. وما تقوم به القيادات القطرية هو احتضار مبكر، ومكابرة هزيلة، ولن تتأخر النتائج في فضح "حبل الكذب القصير".


أخيرًا، إذا كانت الفرصة اليوم متاحة أمام كل الشرفاء القطريين لتدارُك الأمر فربما غدًا ستكون النتيجة الحتمية والنهاية المؤسفة لكل خائن قادمة لا محالة بإذن الله.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org