خطة روسية تركية لطرد الملالي و"حزب اللات" من سوريا.. و"ترامب" يتأهب للعقاب

تحمل وقفاً لإطلاق النار وتستثني "داعش" والإرهابيين.. صحيفة إيرانية: موسكو ربحت
خطة روسية تركية لطرد الملالي و"حزب اللات" من سوريا.. و"ترامب" يتأهب للعقاب

 يوماً بعد يوم تتسع هوة الخلافات الإيرانية الروسية في سوريا، وبالرغم من محاولات الطرفين تجاوزها، والتركيز في الغنيمة الكبرى؛ إلا أن معركة حلب عجّلت بإظهار الانقسامات بشكل كبير بين الطرفين، وتحوّل الأمر بشكل سريع إلى صراع نفوذ.

فبعد إخراج المسلحين بأسلحتهم من حلب أمام أنظار المليشيات الإيرانية و"حزب الله" التي حاولت عبثاً تعطيل الاتفاق أو تخريبه؛ إلا أن الردّ الروسي كان صارماً باستصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى إخراج المدنيين وعائلاتهم بشكل آمن، كما دعا نص القرار إلى توفير حمايات أمنية للمدنيين الموجودين هناك والراغبين في البقاء، وأرسلت الأمم المتحدة على الفور خبراء لمراقبة خروج المسلحين والمدنيين.

تصريحات غير مسبوقة!

ردّ الجانب الإيراني على الخطوة الروسية بتصريحات وُصفت بغير المسبوقة ونشرتها وسائل إعلام روسية؛ حيث اعتبر علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن القرار 2328 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي حول حلب "قد يمهد لمزيد من التوتر في سوريا".

إنقاذ الإرهابيين!

وأشار "شمخاني"، إلى أن "القرار لم يأخذ بعين الاعتبار ظروف الشعب السوري ومشاكلهم ودور الحكومة السورية مع التركيز على إنقاذ الإرهابيين"، بحسب تعبيره، وشدد على ضرورة "وقف طرق إمداد الإرهابيين بالمال والأسلحة والمقاتلين بدلاً من إصدار بيانات وقرارات منحازة لهم"، على حد وصفه.

حلب تحت الوصاية

ولم يستسغ الحرس الثوري الصفعة التي وجهتها موسكو لإيران في حلب وتهميشها فرفعت حدة تصريحاتها، وهذه المرة جاءت على لسان القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري، والذي قال إن جبهة حلب السورية تُعتبر الخط الأول للثورة الإسلامية الإيرانية، وأضاف أن من إنجازات الثورة تحقيق الأمن والاستقرار، وأن مجالها قد تجاوز حدود إيران.

وزاد قائلاً: "الثورة الإسلامية الإيرانية استطاعت أن تهزم من خلال معركتها في حلب أعداءها، وأن مجال الثورة قد تجاوز حدود إيران"، لافتاً إلى أن هناك دولاً تقيم علاقات واتصالات فيما بينها لتهديد أمن إيران"، وهي إشارة على مايبدو لتركيا وروسيا.

موسكو تسيطر

ولأن روسيا تريد إثبات أن لها اليد الطولى في سوريا، وأنها لن تترك حلب لإيران ومليشياتها، فقد أعلنت على الفور إرسالها كتيبة من الشرطة العسكرية إلى مدينة حلب السورية، وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو خلال لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو إن هؤلاء الجنود سيحفظون النظام داخل المدينة السورية.

وأضاف "شويجو" أن العديد من المواطنين الفارين يرغبون في العودة إلى مساكنهم في حلب، وهو ردّ دبلوماسي على تصريحات الحرس الثوري حول حلب؛ بل زادت روسيا بإعلانها أن عناصر الشرطة العسكرية هم مسلمون سنة وقادمون من الشيشان في رسالة ذات شقين واحدة للمعارضة السورية بأنها تجنح للسلم، والأخرى لإيران بأن حلب ليست للمليشيات.

لن ينجح الطاغية وحلفاؤه

روسيا أدركت بعد معركة حلب أن النظام السوري والمليشيات الإيرانية لن تستطيع أن تبني سلاماً أو حلاً ينهي الأزمة السورية، وتريد صراعاً يطول أمده وهو ليس في مصلحة روسيا العظمى أن ترى نفسها تغرق تدريجياً في سوريا، فالثوار ما زالوا يملكون القوة والمبادرة، كما أن سقوط تدمر أثبت أن السيطرة على سوريا أمر صعب جداً وغير ممكن، وهو ما صرح به أحد المسؤولين الكبار في باريس، وهو معني بالملف السوري بعد سقوط حلب بالقول: "الإنجاز العسكري الذي حققه النظام في معركة حلب لن يسمح للرئيس بشار الأسد أن ينهي الحرب استناداً إلى شروطه أو أن يحسم المعركة؛ من أجل تحديد مصير سوريا لمصلحته".

وأضاف: "لن يحقق لبشار ولحلفائه الروس والإيرانيين أهدافهم الأساسية، ولن يغير جذرياً مصير الصراع السوري، ولن يعيد إلى الأسد السلطة الحقيقية والشرعية اللتين فقدهما، ولن يسمح له بأن يكون مجدداً الحاكم المطلق للبلد، ولن يلغي حقيقة أساسية هي وجود شعب محتج له مطالب مشروعة معترف بها إقليمياً ودولياً على نطاق واسع، وهي تتناقض جذرياً مع ما يريده النظام، وليس ممكناً بناء سوريا الجديدة وتحقيق السلام والاستقرار فيها من غير ضمان إنجاز هذه المطالب والتفاوض في شأنها جدياً مع ممثلي هذا الشعب أي مع المعارضة المعتدلة وقوى المجتمع المدني بإشراف الأمم المتحدة".

"بوتين" والتسوية

فوراً، وبعد نجاح موسكو وانقرة في صفقة إخراج المسلحين والمدنين من حلب، أعلن بوتين من طوكيو ان الوقت قد حان للتسوية السلمية بين النظام السوري والمعارضة المعتدلة، ولم ينتظر طويلاً؛ حيث بدأ الضباط والمسؤولون الروس على الفور بعقد جلسات مطولة مع كتائب المعارضة المسلحة ومع المسؤولين الأتراك؛ وبعد مداولات طويلة اعلنت أنقرة وموسكو عن اتفاق على خطة لوقف لإطلاق النار في كل أنحاء سوريا، دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل الأربعاء الماضي، ونقلت وكالة "الأناضول" أن الخطة تشمل توسيع نطاق وقف إطلاق النار الساري في حلب ليشمل كل أنحاء البلاد؛ إلا أنها تستثني "المجموعات الإرهابية"، وهي "داعش" وجبهة فتح الشام، وأضافت أن الخطة في حال نجاحها ستشكل أساساً لمفاوضات سياسية بين النظام والمعارضة التي تريد موسكو وأنقرة تنظيمها في أستانة في كازاخستان.

إيران الغائبة عن الخطة

ولم تذكر بنود الخطة أي اسم لإيران أو مليشياتها، وهو أمر متعمّد من قبل موسكو في إطار قطف الثمار، فروسيا تصدّت لقرارات مجلس الأمن بكل صلافة، وأطلقت آلاف القنابل، ودمّرت حلب على رؤوس ساكنيها، بالقاذفات والصواريخ المجنحة، ولن تسمح لإيران بأن تقطف الثمار أو تشاركها في سوريا، فضمّنت بنود الاتفاق العمل على إخراج جميع المليشيات الإيرانية و"حزب الله" من سوريا، وتعهدت للمعارضة بذلك؛ بل فاوضت جماعات معارضة كانت تسميهم بإرهابيين ومتطرفين، ثم انطلقت بقرار وقف إطلاق النار برفقة أنقرة إلى مجلس الأمن، واستصدرت قراراً استراتيجياً يدعم خطة التسوية المقترحة في "أستانة"، والتي سيجتمع ممثلو المعارضة والنظام على طاولة واحدة؛ من أجل بحث خطة التسوية، بل التحضيرات هناك على قدم ساق، حتى إن مصادر إعلامية رجحت أن يكون العميد المنشقّ "مناف طلاس" هو من سيقود الحكومة الانتقالية.

"الكرملين" ربح!

الصحف الإيرانية بعد هذه التطورات أعلنت أن روسيا ربحت في سوريا، كما كتبت صحيفة "آرمان" الحكومية بالقول: "روسيا وبدراية خاصة دخلت ملف سوريا في أسرع وقت، ولعبت دوراً محورياً في معادلات سوريا، كما دخلت في المفاوضات المباشرة مع أمريكا بشأن سوريا، وذلك بعد أن كانت قد عُزلت سياسياً في ملف أوكرانيا، ووجدت روسيا مكانتها في معادلات الشرق الأوسط عبر دخولها في سوريا، وكان الروس الرابحين الحقيقيين في ملف سوريا".

من جهتها، علقت صحيفة "لوموند" الفرنسية على خطة موسكو وأنقرة لوقف إطلاق النار بالقول: "الاتفاق الروسي التركي أثار غضب إيران، حتى إنها بدت عاجزة في موضوع إخراج المسلحين من حلب"، وأوضحت الصحيفة حيلة اليد الإيرانية بالقول: "إن موسكو يروق لها أن إيران ليس لديها قبول لدى المجتمعات السنية الضخمة، خصوصاً بعد ما حصل في حلب؛ بينما تأثيرها محدود على الأقليات الشيعية في المنطقة، حتى حركة حماس بدأت تبحث عن مسارات تُخرجها من نفوذ طهران".

طرد "حزب اللات"

بل الأشد مرارة على إيران، ما نشره موقع "ميجا فون" الإسرائيلي، في تقرير له، حين قال إن قيادة "حزب الله" في انتظار أوامر من روسيا تأتيها عبر إيران ستكون موجهة إلى مختلف المدن في سوريا؛ للطلب من جميع أعضاء المليشيات الشيعية والسنية الذين جاءوا لتعزيز سوريا من قبل إيران أو للقتال ضد "الأسد" مع الثوار بالانسحاب، ولفت الموقع "الإسرائيلي" إلى أن مصادر روسية أكدت أن هذه الخطوة لم تزعج "الأسد"؛ لأنه لا يريد أن يبقى رهينة لـ"حزب الله" والمليشيات الشيعية في العراق والأفغانية والباكستانية التي تقدر بالآلاف، وسوف تستخدم أداة لممارسة الضغط على "الأسد" من قبل النظام الإيراني ما دام أنها لا تزال على الأراضي السورية.

بلا التزام أخلاقي

وأوضح الموقع أن الاتفاق الروسي التركي يجعل "الأسد" خالياً من أي التزام أخلاقي أو سياسي ضد "حزب الله"، لا سيما وأن الاتفاق يتضمن ضرورة انسحاب قوات "حزب الله" من سوريا، ولهذا السبب كانت زيارة "علي مملوك" ووزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى طهران السبت الماضي؛ للأخذ بخاطرها وتطمينها حول مسار الأحداث في سوريا.

معاقبة "طهران"!

لكن كل هذه المسارات المتعرجة لا تعني انتهاء التحالف بين موسكو وطهران بشكل قطعي، وفي المقابل ليس مصادفة أن يتوافق ما تقوم به موسكو حالياً، مع رؤية "ترامب" تجاه سوريا، فهو ينادي بتعزيز العلاقة مع موسكو، وفي نفس الوقت معاقبة طهران، فهل بدأ تحييد إيران في سوريا؟

إيران لن تستسلم!

إيران من جهتها لن تستسلم بسهولة، وهي الآن تعمل وبكل طاقتها لإفشال وقف إطلاق النار بمعية النظام؛ حيث يتم استهداف وادي بردى بكل قسوة، كما أن استهداف ريف دمشق مستمر حتى هذه اللحظة، في حين تحدثت تقاريرعن تعليق المفاوضات ووقف إطلاق النار من قبل المعارضة، ما لم تلتزم روسيا بإخضاع طهران ودمشق للاتفاق الذي رعته ودعمته موسكو بقرار من مجلس الأمن؛ من أجل الوصول إلى تسوية نهائية توقف نزيف الدماء والتهجير المستمر في سوريا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org