خصخصة الجهات الحكومية وفق الرؤية الوطنية.. فرص النجاح والتحديات؟

قريباً إطلاق 16 جهة و85 فرصة استثمارية.. التحديات: جهوزية القطاع الخاص وتطويق الفساد
خصخصة الجهات الحكومية وفق الرؤية الوطنية.. فرص النجاح والتحديات؟

- 16 جهة حكومية ضِمن المرحلة الأولى الممتدة إلى 2030 أبرزها "التعليم" و"الصحة". 

- تمت الاستفادة من سبع تجارب دولية وسبعة نماذج عالمية.

- عشرة إجراءات ومسارات يراهن عليها المركز الوطني للتخصيص لتحقيق النجاحات

- لا يمكن للمستثمر الأجنبي الدخول إلا عبر شريك سعودي.

- دعم حكومي لبعض أنشطة القطاعات التي يُنظر لها كـ"قليلة الربحية".

- الأندية الرياضية الأكثر جاهزية، وفريق عمل من 147 جهة حكومية يحدد الجهات.

- سَنّ التشريعات المناسبة وبيع النسب من خلال تسعيرة تحددها رؤية القطاعات الحكومية.

- الحماية من الاحتكار وتفعيل رقابة عالية ومنع الفساد وتهيئة القطاع الخاص أبرز التحديات.

- خفض البطالة وتنويع مصادر الدخل وتطوير الخدمات وتوجيهها لمستحقيها أبرز المكاسب.

كشفت المملكة العربية السعودية عن قُرب طرح أكثر من 16 جهة حكومية للتخصيص خلال المرحلة الأولى الممتدة إلى 2030م؛ خاصة أن الاستراتيجية الحكومية معلنة من عام 2002م، وبعدما تمت الاستفادة من سبع تجارب دولية وسبعة نماذج عالمية.

هذا الطرح الذي أبرز العديد من جوانبه "تركي الحقيل" الرئيس التنفيذي للمركز الوطني، في حديثه التعريفي الأخير في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، أكد عزم المملكة على المضيّ قُدُماً في تنفيذ خطط الرؤية السعودية في هذا الجانب من خلال عدة إجراءات ومسارات أهمها:

* إطلاق منصة رقمية تحتوي على الفرص الاستثمارية التي سيتم تخصيصها، وكذلك الآلية الموحدة للتخصيص؛ ليكون البرنامج واضحاً تماماً أمام القطاع الخاص تحديداً.

* استهدافُ المستثمرين محلياً وأجنبياً من خلال طرح 85 فرصة استثمارية ومشاريع للمشاركة بين القطاعين العام والخاص.

* الأندية الرياضية ومطاحن الدقيق وبعض المطارات ستكون أولى الجهات التي سيتم تخصيصها؛ حيث تم قطع شوط طويل حول ذلك.

* وجّه المركز الدعوة للقطاع الخاص للتواصل مع مركز التخصيص وتقديم مقترحات العمل لخلق برامج تخصيص جاذبة للمستثمرين السعوديين.

* لا يمكن للمستثمر الأجنبي الدخول إلا عبر شريك سعودي.

* يتولى فريق عمل مكون من 147 جهة حكومية تحديدَ الجهات الجاهزة للتخصيص في المرحلة الأولى التي تمتد إلى عام 2030م.

* تجاوباً مع مخاوف بعض المستثمرين سيطرح المركز دعماً حكومياً لبعض أنشطة القطاعات التي ستُطرح، والتي يرى بعض المستثمرين أنها ستكون مكلفة وقليلة الربحية مثل "التعليم" و"الصحة".

* المنشآت الصغيرة والمتوسطة سيكون لها جزء من البرامج الجاهزة للتخصيص.

* سيسن المركز تشريعات وتنظيمات أكثر لمعالجة أية إشكاليات، وسيكون هناك فريق خاص بمتابعة الجودة طوال معظم المراحل.

* بيع نسبة الأنشطة في الجهات التي ستُطرح للتخصيص من خلال تسعيرة تحددها رؤية القطاعات الحكومية في تحديد النسبة أو البيع بالكامل.

* تخصيص هذه الجهات في المرحلة الأولى:

قوائم الجهات التي أعلن المركز عن اختيارها للتخصيص تتميز بالحيوية والأهمية في شريان الخدمات الحكومية المقدمة على نطاق واسع: فهي تضم:

- (وزارة التعليم، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة الصحة، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة النقل).

- في مجال النقل: (الهيئة العامة للطيران المدني، الخطوط الجوية العربية السعودية، المؤسسة العامة للموانئ، والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية).

- في مجال الخدمات العامة: (الشركة السعودية للكهرباء، المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، شركة المياه الوطنية، المؤسسة العامة للحبوب، الأندية الرياضية، البريد السعودي، مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث).

المركز الوطني للتخصيص:

المركز الوطني للتخصيص دخَل منذ إعلانه ذلك في تدشين مرحلة فعلية لدوره الذي أنشئ من أجله؛ وهو الإشراف على برنامج الخصخصة في القطاعات الحكومية؛ في إطار رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني؛ حيث استهدفت وزارة الاقتصاد والتخطيط ضمن مبادراتها الاستراتيجية تخصيصَ بعض الخدمات والأصول الحكومية لرفع العوائد المالية من مشاريع الخصخصة.

كان المركز قد أعلن لأول مرة عن الرفع بتأسيسه إلى الجهات العليا في نوفمبر 2016م، ويُنظر له على أنه الذراع الحكومية في برنامج التخصيص المشرف على أكثر من 16 قطاعاً مستهدفاً للتخصيص في القطاعات الحكومية والإشراف على تفعيل 85 مبادرة للمشاركة بين القطاعين العام والخاص.

يرأس المركزَ وزيرُ الاقتصاد والتخطيط وهو بعضوية خمس وزارات هي: (التعليم، الصحة، التجارة والاستثمار، البيئة والمياه والزراعة، العمل والتنمية الاجتماعية)؛ بحيث يتم العمل على جعل البيئة التنظيمية بين القطاع الخاص والجهات الحكومية المراد تخصيص أنشطتها لتكون جاذبة أمام المستثمرين المحليين والأجانب.

أما برنامج التخصيص فقد انطلق العمل عليه منذ عام 1418هـ بقرار من مجلس الوزراء ويهدف بالدرجة الأولى إلى تنويع مصادر الدخل، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز دور الاستثمار، وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية، وزيادة الإنتاج وتطوير الأداء الحكومي.

* "التخصيص" في الرؤية الوطنية:

التوجه للتخصيص الفعال جاء ضِمن الرؤية السعودية 2030؛ فضمن إطار البرامج التي يعمل على إطلاقها تباعاً، جاء منها (برنامج التوسع في التخصيص) بنص: "نعمل على تحديد دقيق لعدد من القطاعات الملائمة للتخصيص، ونقوم بإعداد برنامج متكامل لإنجاح هذا التوجه والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية، ونقل المعرفة، والتأكد من تحقيق أهدافنا بشكل متوازن وعلمي".

وسَبَق أن قال وزير التجارة والاستثمار د.ماجد القصبي ضِمن المؤتمر الصحفي لإعلان الميزانية: "المملكة تمضي في طريق الخصخصة، وأسست الدولة لهذا الغرض المركز الوطني للتخصيص، وهي منظومة ستحفّز وتمكن القطاع الخاص، يضاف إليها تخصيص 200 مليار ريال كقروض موجهة لقطاعات واعدة لتكون موفراً لفرص التوظيف لأبنائنا وبناتنا".

من جهته وفي 26 ديسمبر 2016م قال محمد التويجري نائب وزير الاقتصاد والتخطيط: "قرار خصخصة الجهات الحكومية في المملكة استوجب العمل على خصخصة 16 جهة حكومية؛ من أجل العمل على توفير أكثر من 109 فرص استثمارية في المملكة، وهناك 4 جهات حكومية تم خروجها بالفعل من تحت الحكومة إلى الخصخصة على قيد التنفيذ، وقد تم تعيين بنوك خاصة من أجل الإدارة الخاصة بعملية الخصخصة، كما قد يتم الاستفادة من التجارب العالمية في مجال الخصخصة، والتي تمت في تركيا وسنغافورة وماليزيا. وقد يكون من المؤكد أن هذه العملية ليست تجارية ولكنها قد تحتاج إلى تغيير القوانين الخاصة بالمملكة".

* بعض الملامح:

وعلى الرغم من أنه لم يتم الإفصاح رسمياً وحديثاً عن الكيفية في تلك الجهات؛ إلا أن هناك ملامح واضحة حيث ستشمل الخصخصة مثلاً في وزارة الصحة، خصخصةَ المدن الطبية، وتوطين صناعة الأدوية، وخصخصة العديد من المستشفيات، وخدمات مثل الرعاية الصحية المنزلية.. وفي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ستشمل البريد السعودي بالكامل وإسناده لجهة مستقلة.. وفي الشؤون البلدية ربما نرى خصخصة خدمات النظافة وتدوير النفايات، وفي المجال الزراعي قد نشهد خصخصة إدارة الأسواق وخدمات الصيد، كما قد نرى خصخصة المتنزهات الوطنية واستثماراتها.. وفي المجال التعليمي قد يتم خصخصة التعليم الأهلي ورياض الأطفال ورؤية نموذج جديد من تشغيل وإدارة بعض المدارس الحكومية مثل تلك التي عُرفت بـ"المدارس المستقلة".

* هل ستنجح الخصخصة؟

تحت عنوان "الخصخصة سلاح ذو حدين"، يقول الكاتب عبدالله الربدي: "من أهم فوائد الخصخصة: تحقيقُ عوائد مالية للحكومة، تُحوّل المستفيد في القطاع الحكومي إلى عميل في القطاع الخاص؛ مما سيرفع من مستوى الخدمات المقدّمة له، كما تزيد المنافسة من قِبَل مزوّدي الخدمة؛ وبالتالي تنخفض أسعار الخدمات".

إلا أن الكاتب يرى أن أكبر عيوب الخصخصة؛ هو أن القطاع الخاص يهدف للربح بالدرجة الأولى، وهذا قد يؤدي إلى امتناع القطاع الخاص عن تقديم خدماته في قطاعات قد يراها غير مربحة، أو لخدماته في أماكن مثل القرى والهجر، مثل الرعاية الصحية لكبار السن أو ذوي الأمراض المزمنة؛ وهنا يجب أن تتدخل الحكومة لتحمي هذه الفئات من قصور الخدمات عنهم".

* تحذيرات:

من جهته يرى الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي أن العديد من دول المنطقة قد خاضت تجارب حول تنفيذ برامج الخصخصة، وغالبيتها ترك آثاراً سلبية على أداء اقتصاديات هذه الدول؛ مما يجعل النظام السعودي مطالَباً بتوخي الحذر تجاه تنفيذه لبرامج الخصخصة؛ حتى لا يقع في أخطاء التجارب الأخرى لدول المنطقة.

مضيفاً: "من سلبيات تجارب دول الخصخصة بدول المنطقة، أنها لم تؤهل قطاعها الخاص عبر فترة انتقالية؛ فتم -مع الأسف- استخدامُ القطاع الخاص المحلي كممر لسيطرة الاستثمارات الأجنبية على أصول القطاع العام.

* ربط بأسواق العمل:

ومؤكداً أنه ما لم يحصل ربط حقيقي لمؤسسات التعليم بأسواق العمل، ومراكز البحوث والجامعات بالصناعة؛ فلن يمكن للخصخصة أن تحقق فرصاً للقضاء على بطالة السعوديين.

وكشف "الصاوي" عن أن التوجه للخصخصة ساهم فيه زيارات متتالية على مدار العاميين الماضيين، من قِبَل بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، والتي انتهت بمجموعة من التوصيات التي تخص الإصلاح المالي؛ من بينها إعادة النظر في تعيين العمالة بالجهاز الحكومي، وكذلك هيكلة رواتب العاملين بالدولة، وفتح المجال للقطاع الخاص بمساحات أكبر لإتاحة فرص العمل للداخلين الجدد لسوق العمل".

* معايير أساسية:

من جهته يذكر تقرير لمركز "أكسفورد للاستشارات"، أن تنفيذ الاستراتيجيات الفعالة يستغرق عدة سنوات؛ مشيراً إلى أنه بالنظر لتجارب أوروبية ودول مجلس التعاون الخليجي؛ فإن الخطوة الأولى لنجاح الخصخصة في السعودية، تستدعي تطوير الأعمال الحيوية وخدمات العملاء ومهارات جديدة أخرى من خلال التوظيف والتنمية الداخلية، وأكد التقرير أن السعودية ستحتاج إلى مليون رائد أعمال في غضون السنوات الخمس المقبلة، وإلى تطبيق برنامج تغيير الثقافة المستدام.

أخيراً يرى الخبراء أن الخصخصة أينما طُبّقت؛ فلن تنجح دون تنفيذ حقيقي وحازم لإعادة هيكلة عدد من السياسات والإجراءات، ومكافحة الفساد بالرقابة والحوكمة، ومراجعة الأنظمة، ومدى صلاحياتها مع الرؤية، كما يجب أن تحضر القوانين الصارمة والشفافية ومنع الاحتكار من خلال الرقابة وتعزيز ثقافة المساءلة والتقييم المستمر، والهدف في النهاية تعزيز اقتصاد الوطن وخدمات المواطن ورفاهيته وعدم تضرره.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org