حصة النشاط وزيادة الدوام..!!

حصة النشاط وزيادة الدوام..!!

كتبتُ عن التعليم أكثر من أربعة عشر مقالاً، أحدها بعنوان "تعليمنا في ذمة"، وآخر بعنوان "مدارسنا.. خاوية على عروشها"، وثالث "وزارة التربية.. تستفز موظفيها..!!".. وآليت على نفسي أن لا أكتب عن التعليم مرة أخرى، ولكن كل يوم يتحفنا المسؤولون عنه بنوادر؛ تجبرنا على الكتابة عنه، كان آخرها قرار "حصة النشاط وزيادة الدوام"، الذي صدر يوم أمس.

فهذا القرار يجعلك تكتب عنه رغمًا عنك؛ لأنه قرار أقل ما يقال عنه إن من كان خلفه لا يمكن أن يكون على علم بما يجري في الميدان..!! وإن أراد المسؤول عنه أن يعلم حقيقة ما يسببه هذا القرار من مآسٍ للتعليم فما عليه إلا أن يجري دراسة نابعة من الميدان، وليس من وراء مكاتب "الأمتار السبعة"؛ ليرى الحقيقة المُرة..!!

وهنا لا أريد الحديث عن هذا القرار أو عن آثاره السلبية التي يجرها على تعليمنا؛ لأن من في الميدان أشبعوا وسائل الإعلام الجديد بالحديث عنه، ولم يقصروا في هذا الجانب، وأهل مكة أدرى بشعابها.

ولكنني سأخاطب معالي الوزير بإثارة نقاط مهمة عدة حول هذا القرار، وسأختم بسؤال بريء مهم جدًّا. فمن هذه النقاط ما يأتي:
- معالي الوزير، نحن لا نشك في أهمية النشاط اللاصفي للطالب، ومردوده الإيجابي عليه، ولكن هل الوزارة جهَّزت البنية التحتية لهذه الأنشطة قبل إقرارها؟!!
- هل درستم الآثار السلبية المترتبة على زيادة وقت الدوام؟
- هل فكرتم بما يسببه هذا القرار من زحام المرور في المدن الكبيرة؟
- أليست الوزارة من أجبرت أطفال الرياض على الدوام في عز البرد قبل طلوع الشمس من أجل تخفيف الزحام؟!!
- ما الهدف من هذه الحصص؟ وهل تستطيع جميع المدارس تنفيذها كما يجب؟
- ما الهدف من وضعها وسط الدوام؟!!
- هل يعقل أن يأخذها الطالب ثالثة، وحصة رياضيات أو فيزياء بعد صلاة الظهر؟!!
- هل مدارسنا مهيَّأة لتنفيذ حصة النشاط تنفيذًا يعود بالفائدة على الطالب؟
- هل تستطيع مدرسة مستأجَرة، أحد فصولها مطبخ، تنفيذ مثل هذه الحصص؟
- هل فكرتم بالأعباء المالية التي ستضيفها هذه الحصص على الوزارة؟
- أيهما أولى، بناء مبانٍ حكومية وإنهاء معاناة المباني المستأجَرة أم حصص النشاط؟
- هل أعداد رواد النشاط كافية لتغطية جميع مدارسنا؟
- هل هناك أدوات ووسائل متوافرة في جميع المدارس لتنفيذ هذه الحصص؟
- أيهما أولى باهتمام الوزارة، أوضاع المعلمين ومعاناتهم أم حصة النشاط وزيادة الدوام؟!!
- أيهما أولى باهتمامكم، أوضاع الطلاب ومخرجات التعليم أم حصة النشاط وزيادة الدوام؟!!
- يا معالي الوزير، ليست كل المدارس مدارس تطوير التي جهزتها الوزارة بكل شيء، وهيأتها لتشارك في المسابقات الدولية..!!!
- يا معالي الوزير، كثير من المدارس لا يوجد بها ملعب أو صالة رياضية لممارسة حصة التربية البدنية..!! فضلاً عن أن تجد مقرًّا للنشاط؛ لأن بعض فصولها مطابخ..!!
- يا معالي الوزير، بعض المدارس لا يوجد بها مختبر للعلوم..!! فكيف تجد مقرًّا للنشاط؟!!
- يا معالي الوزير، بعض المدارس بقيت أشهرًا بلا معلمين في تخصصات علمية..!! فأيهما أولى؟!

وأما السؤال فهو: هل القرارات في التعليم مصدرها الوزارة؟ أم أنها تفرض عليها؟ وما سؤالي هذا إلا لأننا رأينا أكثر من وزير لا تتفق قراراته بعد أن يصبح وزيرًا مع نهجه وطرحه قبل الوزارة. ولنا في معالي الوزير السابق ومعالي الوزير الحالي خير مثال؛ فالسابق، وما كان ينادي به من حقوق للمعلمين حتى أنه ألَّف كتبًا في ذلك، عندما تسلم سدة الوزارة لم نرَ من ذلك شيئًا..!!
ومعالي الوزير الحالي، ومقالاته التي ملأ بها الدنيا، وأشغل الناس في انتقاده للتعليم وأهله، عندما أصبح المسؤول الأول عن التعليم لم نرَ من ذلك شيئًا أيضًا..!!

* فائدة: ليست كل المدارس كمدارس تطوير أو كالمدارس الأهلية أو كالمدارس العالمية، لديها من الإمكانات ما يؤهلها لتنفيذ هذه الحصص؛ فهناك مدارس بعض فصولها مطابخ..!! وكثير من المدارس خاوية على عروشها..!!


#همسة: لن يتطور التعليم ويتقدم والوزارة لا تعرف مَن حجر الزاوية في التعليم..!! فلو سألت أغلب المسؤولين عن التعليم لقالوا لك: الطالب..!!
لا ياسادة.. إنه المعلم.. أعطني معلمًا يستحق أن يكون معلمًا.. وأعطيك تعليمًا رائدًا.. وليس متطورًا فقط؛ ولنا في "فنلندا" خير مثال؛ انظروا ما الشروط الواجب توافرها فيمن يريد أن يصبح معلمًا، وستدركون أسباب تسنمها العالم في مجال التعليم.
أما أن يصبح التعليم مهنة من لا مهنة له؛ لأنه لم يجد كلية تقبله غير كليات التربية، فهذه النتائج..!! وهذه المخرجات..!! اللهم بلغت اللهم فاشهد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org