تهديد ثم تبجح.. "ميسون" تكشف مداهنة أمريكا للملالي وخبيران يشرحان اللعبة

الحوثيون يلتقطون الإشارة والإعلام الغربي يشن حرباً باردة والتعامل بوجهين يسود
تهديد ثم تبجح.. "ميسون" تكشف مداهنة أمريكا للملالي وخبيران يشرحان اللعبة

 لم يقتصر التمرد الحوثي على قتل الآمنين من الشعب اليمني الشقيق، فقد امتدت يد الميليشيات للتحرش، منتصف أكتوبر الماضي، بالمدمرة الأمريكية "يو إس إس ميسون"، وسفينة مرافقة لها قبالة ساحل اليمن بالقرب من مياه باب المندب، غير أن الصاروخين اللذين لا يفصلهما سوى 4 أيام لم يصيبا أهدافهما.

تهديد "البنتاجون"

وقال المتحدث باسم البنتاجون "جيف ديفيز"، في مؤتمر صحفي، إن أي شخص يطلق النار على سفن بحرية أمريكية تعمل في مياه دولية "يعرّض نفسه للخطر"، مضيفاً: "إن أياً من كان مطلق الصواريخ على مدمرة أمريكية فإنه بفعلته هذه يعرف أنه "يعرّض نفسه للخطر".

تخاذل المصالح

وهذا الرد "الناعم" وضع الإدارة الأمريكية في المحك أمام الإعلام هناك والرأي العالمي المناشد للسلام؛ حيث وصف الإعلام والمحللون التعاطي مع الحادثة بـ"الفشل" وضعف ردة الفعل، مشيرين إلى أن ذلك التوجه يعد مساساً من الحوثي بالسياسة والكيان الأمريكي، وهو يشير إلى حالة التخاذل من "البنتاجون" ناحية طهران من أجل مصالح أخرى.

مكاييل واشنطن

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، الدكتور محمد بن عوض الحارثي، لـ"سبق": "لا يخفى على المراقب للأحداث في منطقتنا العربية أن هناك محاولة إعادة ترتيب وتوزيع للقوى، ومنها إضفاء الشرعية على إيران وإعادة تأهيلها بعد أن كانت لعقود طريدة للعدالة الدولية وخارجة على القانون وداعمة للإرهاب، ويبرز هنا دور الولايات المتحدة المتردد تجاه قضايا ساخنة، ولا تحتمل التأخير، مثل تغول إيران في لبنان والملف السوري ومعاناة الشعب السوري الماثلة للعيان، ثم كذلك الملف العراقي بل العراق تبدو وكأنها محمية إيرانية تم اختطاف قرارها السياسي وتخضع للإملاءات وللسياسة الإيرانية على حساب مصالح الشعب العراقي والعرب عموماً".

لامبالاة وتبجح

وأضاف: "كل هذا يحدث والدولة العظمى المعنية بـ"الأمن والسلام العالمي" شاهدة، وأمريكا تقف موقف المتفرج بل واللامبالي، وتتبجح بعد ذلك بمطالبة دول المنطقة باقتسام النفوذ مع إيران، وسعت واشنطن في عهد "أوباما" إلى إعادة تأهيل إيران على المسرح الدولي، وأعطت الضوء الأخضر للشركات والمستثمرين بالعودة إلى السوق الإيرانية".

"الحوثي" يلتقط الإشارة

وكشف "الحارثي" أن العصابة الحوثية في اليمن كذلك أدركت والتقطت هذه الإشارة بأن الولايات المتحدة لها أجندتها المستقلة، والتي ليست بالضرورة تتقاطع مع مصالح دول المنطقة، وهذا يتضح من خلال المواقف الأمريكية بالتلميح تارة والتصريح تارة أخرى تجاه الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، وحينما ضُربت المدمرة الأمريكية "يو إس إس ميسون" في أكتوبر الماضي جاءت ردة الفعل الأمريكية مدجنة، وكان الفعل العسكري الأمريكي قاصراً على ضرب رادارات تحت سيطرة الحوثي وكأنها توبيخ، لا يرتقي بحال من الأحوال إلى تأديب عصابة همجية ومعتدية.

العواطف والصحوة

وأبان: "الولايات المتحدة لا تخجل ولا تستنكف من الاعتراف بازدواجية معاييرها وهو هنا ماثل لكل ذي عينين، والقوى الكبرى كما علمتنا الأحداث ليس لها عواطف، بل تسيّرها رياح مصالحها، ونحن كذلك في المنطقة لا بد من صحوة نستشرف ونتلمس بها مستقبلنا، ونعمل وفق مصالحنا التي ليست بالضرورة متطابقة دوماً مع مصلحة الولايات المتحدة".

المصالح والفعل

وأوضح "الحارثي" أن هذا لا يعني بحال القطيعة؛ لأن ظرفنا الأمني والتنموي والاستراتيجي يحتم علينا العمل بحصافة متناهية، وتنويع وإعادة التوازن لعلاقاتنا الخارجية، وهذا يستدعي تنشيط العلاقة مع الشرق كما هي مع الغرب، وكذلك العمل مع الدول المحورية في المنطقة، في الظرف الراهن تبرز تركيا كقوة إقليمية، وكذلك زيادة التنسيق داخل البيت الخليجي وهو خط الدفاع الأول، والاعتناء بالتحالفات التي تم بناؤها مؤخراً عبر المواقف السياسية والأذرع الدبلوماسية والإعلامية، فهي رأسمال سياسي ودبلوماسي ثمين، والتحديات في منطقتنا كبيرة وشديدة السيولة، والتغيرات متسارعة، وهذا يستدعي أيضاً أن يكون هناك استجابة واعية وإرادة سياسية، وعدم التوقف عند مرحلة التشخيص والنقد للأحداث والمواقف فقط؛ بل لا بد من الانتقال إلى مرحلة الفعل ويترجم ذلك من خلال رؤية واستراتيجية واضحة المعالم للسياسة الخارجية تحقق بشمولية المصالح الوطنية، وتحمي وتصون الأمن القومي.

انتقاد وجرأة وتراجع

ويقول المهتم بالشأنين السعودي والإيراني في الإعلام الغربي سامر محمد: "حادثة استهداف المدمرة "يو إس إس ميسون" سجلت انتقاداً لاذعاً للرئيس باراك أوباما، أن سياسته تزيد من جرأة إيران ووكلائها، لكن الانتقادات تراجعت بمجرد تدمير صواريخ "توماهوك" لرادارات المتمردين".

تعامل واتجاهان

وأضاف: "‏من خلال متابعتي اليومية للإعلام وجدت أن الإعلام اﻷمريكي بدأ اﻵن يتحرك في اتجاهين، أحدهما اتجاه يدعو لاستخدام الحزم ضد إيران ووكلائها، واتجاه آخر يدعو لضبط النفس وفتح قنوات اتصال مع من يوصفون بالمعتدلين في إيران".

من الضبط للهجوم!

وأشار إلى أن التيار الغالب الآن في معظم الصحف اﻷمريكية هو تيار ضبط النفس، لكن تيار الحزم يظهر في قليل من الصحف خاصة المحافظة منها كـ"واشنطن تايمز"، وموقع "ذا واشنطن فري بيكون"، وبشكل عام وجهة النظر اﻷمريكية بدأت تتغير كثيراً تجاه إيران؛ حيث تحاول غالبية الصحف إبراز تيار الرئيس اﻹيراني حسن روحاني، بينما تحاول أن تتجاهل كثير من سلبيات نظام الملالي، وأصبحت السعودية هي اﻷكثر مهاجمة في اﻹعلام اﻷمريكي عن إيران.

الصحف تتحدث

وختم قائلاً: "‏وسائل الإعلام اﻷمريكية تحدثت عن أن الصواريخ التي استهدفت السفينة الحربية اﻷمريكية بنسخة من صواريخ صينية يبدو أن إيران طوّرتها كالتي قصف بها "حزب الله" اللبناني من قبل سفينة حربية "إسرائيلية" في البحر المتوسط، والصحف بالفعل تتحدث عن رد فعل إدارة "أوباما" على استمرار انتهاكات إيران في مضيق هرمز، وأن استهداف المتمردين للسفينة الحربية يضر بالمصالح اﻷمريكية في المنطقة، ويزيد من جرأة إيران في مقابل سعي اﻹدارة للحفاظ على البرنامج النووي".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org