تريليونات ولكن لا تخدم الوظائف

تريليونات ولكن لا تخدم الوظائف

من المحزن أن خمس منشآت في سوق التداول المحلي، التي حظيت بأكثر من نصف أرباح السوق للعام 2016، لا توظف إلا 3 % من العاملين السعوديين في القطاع الخاص.
نعم، خمس شركات (سابك، الاتصالات السعودية، البنك الأهلي التجاري، مصرف الراجحي ومجموعة سامبا المالية) حظيت بأكثر من نصف أرباح سوق التداول السعودي (174 شركة)، ولا توظف إلا 3 % من وظائف السعوديين في القطاع الخاص.
ومن المحزن أن استثمارات الحكومة السعودية في هذه المنشآت الخمس تصل إلى 75 % من استثماراتها في سوق التداول السعودي، التي تصل إلى نصف تريليون ريال.

تملك الحكومة السعودية تقريبًا 40 % من المساهمات في شركات التداول، وبلغ مجموع أرباحها السنوية أقل من 30 مليار ريال. هذا يعني أن أرباح الاستثمارات الحكومية في سوق التداول تصل إلى 6 % فقط من قيمة الاستثمارات السوقية. وقد تكون مجزية أو مقبولة، وتخدم بعض الاستراتيجيات، إلا أنها لا تخدم استراتيجية "توليد الوظائف ومكافحة البطالة".

نعم، التوظيف ليس شرطًا مرتبطًا بالأرباح، ولكن كنا نأمل بأن تستثمر الحكومة في الأعمال التي تخدم التوظيف. نعتقد ونأمل دائمًا بأن تكون الشركات المتداولة من أفضل الشركات في المملكة التي لديها مساهمات مباشرة بتطوير الاقتصاد والتنمية، وعلى رأسها توفير الوظائف المجدية، والمساهمة الفعالة في القضاء على البطالة. ليس المحزن أن هذه الشركات لا تخدم الوظائف، ولكن المحزن أن استثماراتنا لا تخدم الوظائف.

أين نذهب؟ ومن يوفر لنا الوظائف؟ وضعُنا مع "الوظائف" واضح للجميع. إذًا الأعمال النفطية ومشتقاتها لا تخدم "الوظائف"، واستثمارات الدولة خارج البلاد طبعًا لا تخدم "الوظائف"، واستثماراتنا في سوق التداول لا تخدم "الوظائف"، ونحن نستورد كل شيء من الخارج (سيارات وقطارات وطائرات وسفن ومعدات وأجهزة كهربائية واتصالات وحواسب آلية وأجهزة طبية).. وبطبيعة الحال كلها لا تخدم "الوظائف" محليًّا؛ ولذلك لم يتبقَّ لنا سوى وظائف التعليم والصحة والأسواق التجارية والمقاولات! أين يذهب شبابنا وشاباتنا للبحث عن عمل؟

القطاع الخاص يستثمر أينما يشاء، وهذا حق مكتسب للمستثمر، ويستهدف عادة الربح السريع؛ ولذلك لا يوفر وظائف مأمولة، ولن تكون كافية حتى لو ضاعف المجهود بالنهج نفسه عشرات المرات. وكنا نأمل لو أن استثمارات الحكومة تستهدف الوظائف المأمولة، ولكن هذا شبه مستحيل طالما أن الأصول الأكبر للدولة، التي تصل إلى 8 تريليونات ريال، كلها مخزون نفط ومشتقاته وأعماله، وجميعها لا يخدم الوظائف. ومن ناحية أخرى، استثماراتنا في الخارج أكثر من تريليونَيْ ريال، ولا تخدم الوظائف المحلية. واستثمارات الحكومة في سوق التداول المحلي بنصف تريليون ريال، وأيضًا لا تخدم الوظائف. وأخيرًا وارداتنا السنوية للسلع من الخارج بأكثر من نصف تريليون ريال، ولا تخدم الوظائف. إذًا، مَنْ سيوفر الوظائف، المستثمر الأجنبي؟

من الأفضل أن تدرس الحكومة خطة لبيع أسهمها في بعض الشركات في سوق التداول السعودي، وتبيع منها بنحو 150 مليار ريال للمستثمر الأجنبي الذي سيسعد بأرباح سنوية 6 %، ثم تستثمر الحكومة تلك الأموال في تأسيس شركات حكومية جديدة من النوعية التي تخدم خلق الفرص الوظيفية، مثل البرمجيات والتكنولوجيا والصناعات المتقدمة والخدمات المتقدمة وصناعة العلاج والدواء.
بهذه الأموال والشركات نستطيع دعم البحوث العلمية، وتطوير معامل الجامعات، وتطوير مراكز البحوث والتطوير والدراسات المتقدمة.. ونوفر الوظائف، ونبدأ ننافس الدول المتقدمة التي ترى أن المنافسة في تطوير التكنولوجيا ممثلة في الأجهزة الذكية المتطورة والذكاء الصناعي والأجهزة الطبية المتقدمة وغيرها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org