العواصم المأسورة والقواصم المنظورة!

العواصم المأسورة والقواصم المنظورة!

من الواضح أن الميليشيات الرافضية تجد دعماً عسكرياً ومالياً وسياسياً من قبل إيران وأذرعها المتناثرة في المنطقة، لاسيما الخليج، كما يجدون ترحيباً دولياً، كشفت عنه الانسحابات العسكرية الأمريكية من صنعاء ثم من عدن، ثم من العراق وأخيراً من سوريا.

على الجانب الآخر لا تجد حراكاً عربياً يخلّص العواصم المأسورة من أسرها الذي وقعت فيه، ومن القبضة الرافضية، التي لم تعد خافية أبعادها الأيديولوجية، ومحاولتها تغيير الهوية الدينية والمذهبية والسياسية لتلك العواصم العربية؛ لتكون جزءاً من الإمبراطورية الفارسية، وركناً في الامتداد الشيعي على حساب الوجود السني.

إن العرب إزاء هذا الحدث الجلل، على مفرق طريق، وهم أمام سيناريوهين لا ثالث لهما:

السيناريو الأول هو التدخل العسكري بقوة، سواء من قوات درع الجزيرة، أو قوات أخرى عربية لإنقاذ تلك العواصم، وهو إن حدث لن يكون تفضلاً على تلك العواصم، ولا محض تكرم من العرب، بل هو واجب محتم؛ لإنقاذ العرب أنفسهم قبل إنقاذ تلك العواصم وأهلها.

إن العرب كانوا من الداعمين لغزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003م، وهو الغزو الذي وقعت كل أهدافه في حجر إيران، وبات العراق الآن خنجراً مسموماً في خاصرة العرب وأهل السنة، بعدما أصبح ولاية تابعة لإيران وتأتمر بأمر قم والملالي، وهو ما يبدو بوضوح أنه يتكرر الآن في سوريا واليمن.

والواقع الإقليمي والعالمي ربما يكون مهيئاً لمثل هذه المغامرات الإيرانية، إذ لم تعد هناك حدود للأطماع الجغرافية الإيرانية، ولا يوجد في الوقت الحالي عقبات جيوسياسية ضخمة يمكن أن تقف في وجه تلك الأطماع.

لا مناص للعرب إذن من التدخل بقوة عسكرية لإنقاذ مستقبل العرب أنفسهم، وإلا سيجدون التمدد الرافضي في بيوتهم وحجرات نومهم؛ لأن إيران تسير في خطتها واستراتيجيتها الرامية إلى تصدير الثورة وإحكام السيطرة على المنطقة، وحصار العرب السنّة في أضيق نطاق ممكن.

السيناريو الثاني هو اكتفاء العرب بموقف المتفرج والمشاهد، دون تحرك جاد وعسكري لوقف تدهور الموقف في اليمن، وهو السيناريو الذي سيعني عملياً استقالة العرب من التاريخ والجغرافيا، وإعلان إفلاسهم التام إزاء مشروعات التوسع التي تغزوهم في عقر دارهم.

إن الركون العربي لأي حراك دولي لإنقاذ تلك العواصم وفي مقدمتها سوريا، هو من قبيل الوهم الذي يحلو لمن يهوى غرس رأسه في الرمال أن يمني به نفسه، فالغرب ومجلس الأمن والقوى الدولية منحازة تماماً للخطوات الإيرانية، وليس أصدق على ذلك من مفاوضات النووي الإيراني مع الولايات المتحدة والقوى الغربية.

فهل يستمع العرب لصراخ العواصم المأسورة، وهم يشاهدون تلك القواصم المنظورة، أم يقدمون استقالتهم من الزمن الراهن؟!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org