الباحة تنتظر مرصدها الحضري

الباحة تنتظر مرصدها الحضري

تُعتبر المدن كائنات حية، تنبض بالحياة والازدهار والنماء، أو كائنات خاملة ساكنة، يعبث في جوانبها التشتت والتبعثر والإهمال وسوء التخطيط.. هكذا حال المدن. والمؤشر الحقيقي للجذب أو الطرد مدى إقبال الناس إليها، واتجاه مؤشر بوصلة الطيران نحو مطارها، إن كانت المدينة - أي مدينة - في العالم تستحق الزيارة والاستمتاع برؤية مَواطن الجمال والبهاء في حدائقها وميادينها وشوارعها ومعالمها وسكانها. كل ذلك يؤكد أن الناس هم من يحدد تلك المعايير من خلال انطباعاتهم الحقيقية، وردود أفعالهم الصادقة. وفي المقابل بعض المدن تترك أثرًا سلبيًّا في نفوس زائريها رغم ضخامة مبانيها واتساع شوارعها.. فما الذي يجعل بعض المدن جاذبة وأخرى طاردة؟ إنه التخطيط السليم وفقًا للمكونات الطبيعية والمناخية والسكانية والثقافية.. ولا يمكن أن تكون المدن صورًا مستنسخة من مدن أخرى؛ فلكل مدينة مزاياها أيًّا كانت، والتطوير وفقًا لأرض الواقع. وفي هذا السياق اعتمد برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ستة مؤشرات لقياس ازدهار المدن، كجودة الحياة الإنتاجية والبنية التحتية والعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية والحوكمة الحضرية.. والأخيرة تقوم برصد وتقويم مسيرة المؤشرات السابقة من خلال المؤسسة التنظيمية للمدينة فيما تُعرف بالإدارة المحلية. وهنا يحدث التفاوت بين مدينة تتكئ على ثقافة ساكنيها وموروثاتهم، ومدينة تستنسخ كل شيء من مبانٍ وميادين وشوارع.. وحتى يخرج تخطيط المدن من القص واللصق والتقليد لا بد أن تبادر الأمانات والبلديات بإنشاء المراصد الحضرية التي أُقرَّت عالميًّا منذ عام 1988؛ فتلك المراصد تقوم بمهام جليلة، كجمع المعلومات والبيانات والخرائط والصور، وتحليلها وفقًا للمعطى، والخروج بمؤشرات تصب في صالح المدن.

المرصد الحضري وفقًا لمفهومه العلمي هو مركز متخصص، يعمل على جمع وتحليل واستخدام المؤشرات الحضرية في إعداد سياسات التنمية الحضرية على جميع المستويات الإقليمية والمحلية، ومتابعتها وتقييمها؛ إذ يعمل على تحديد الاحتياجات التنموية للمدينة، والتجمعات السكانية المحيطة بها في إطار مجموعة من الأولويات والقضايا، وتوفير وإدارة المعلومات اللازمة للتطوير العمراني والتخطيطي. وهنا نتفق على أهمية تأسيس مراصد حضرية في كل مدننا.

وأظن أن من أولى أولويات أمين منطقة الباحة الجديد الدكتور علي محمد السواط البدء في تأسيس مركز حضري لمدينة الباحة، ولاسيما أن المدينة تنامت في السنوات الأخيرة؛ ما تحتاج معه إلى تخطيط وتنظيم، يضمنان تميزها بوصفها مدينة سياحية.

إنَّ من الجوانب المبهجة أن تقوم الأمانة بالحفاظ على سلة الغذاء في مدينة الباحة المتمثلة في مدرجاتها الزراعية، والبحث عن منطقة خام في الشمال الشرقي للمدينة؛ لتكون متسعًا لنمو المدينة العمراني والتخطيطي في قادم السنين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org