اقتصاديون لـ"سبق": خروج بريطانيا من أوروبا ناقوس يدق الخطر.. وعلى الدول الخليجية توخي الحذر

أثبت صحة سياسة السعودية وارتباطها بالدولار كخيار استراتيجي
اقتصاديون لـ"سبق": خروج بريطانيا من أوروبا ناقوس يدق الخطر.. وعلى الدول الخليجية توخي الحذر

يعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضربة كبيرة للاتحاد الأوروبي، وله تداعيات اقتصادية على بريطانيا والعالم. ويراقب البريطانيون بقلق الأسواق المالية، وتأثير الخروج البريطاني على الجنيه الإسترليني. من جهة أخرى، يخشى الأوروبيون على مستقبل عملة اليورو التي بالكاد بدأت تتعافى في المرحلة الأخيرة.
 
  "سبق" تواصلت مع عدد من الاقتصاديين لمعرفة تداعيات خروج بريطانيا اقتصاديًّا على السوق الخليجي والعالمي.
 
  زلزال عنيف
  الاقتصادي  فضل بن سعد البوعينين يقول لـ"سبق": خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أحدث هزة عنيفة في الأسواق المالية وأسواق النفط، وتقلبًا غير مسبوق وانخفاضًا حادًّا للجنيه الإسترليني، حتى أنه وصل لمستويات سحيقة، لم يصلها منذ ثلاثة عقود.
 
وأضاف: خروج بريطانيا سيتسبب في ضعف الجنيه الإسترليني أمام الدولار والعملات الرئيسة الأخرى؛ ما سيجعل أثره يطول اليورو الذي بدأ بالفعل حالة الهبوط القسري، إضافة إلى تراخي أسعار النفط.
 
وعلى الجانب المالي يقول بو عينين: قد تحدث تداعيات الخروج والهلع في القطاعات المالية، وتؤدي إلى أزمة مالية مشابهة لأزمة 2008 إذا لم يتم التعامل مع الموقف بحكمة. خروج مؤسسات مالية من بريطانيا وتدفقات السيولة الخارجة سيكون له تأثير حاد على الاستقرار المالي العالمي، وليس البريطاني فحسب. من المتوقع أن يكون هناك أثر في النمو العالمي، وهذا سيزيد من مشكلات الاقتصاد العالمي بشكل عام.
 
  انهيار وتفكك
  وأردف: قد يكون هناك تفاقم لأزمات دول أوروبا المالية، وبخاصة الدول التي تعاني مشكلات مالية، كاليونان وإسبانيا وإيطاليا. بريطانيا نفسها قد تواجه تفككًا؛ إذ بدأت الأصوات تتعالى في اسكتلندا للانفصال، وهذا من شأنه إضعاف بريطانيا بشكل كبير. أما أوروبا فهناك أصوات يمينية متشددة تطالب بعض دول أوروبا بالانفصال أسوة ببريطانيا.
 
الأسواق الخليجية
  وفيما يتعلق بالاستثمارات الخليجية فمن المتوقع أن تتعرض لمخاطر على المديَيْن القصير والمتوسط؛ وهذا يجب أن يدق ناقوس الخطر للدول الخليجية بأخذ الحذر في استثماراتها في الأسواق الخارجية التي ترتفع فيها المخاطر، وستكون أكثر ارتفاعًا مستقبلاً.
 
وقال: أشير إلى أهمية أن تتخذ الصناديق السيادية الاحتياطات كافة التي تضمن سلامة استثماراتها بعيدًا عن المخاطر المتنوعة والمفاجئة. ما حدث يوم أمس يؤكد أن مخاطر الأسواق الخارجية مرتفعة، ويمكن أن تكون بعيدة كل البعد عن التوقعات.
 
وأكد أن أزمة أوروبا الحالية أثبتت صحة سياسة السعودية النقدية التي ارتبطت بالدولار، واستمرت عليه كخيار استراتيجي، بالرغم من تأثر الدولار إلا أن الظروف والمتغيرات الاقتصادية والمالية أثبتت أنه عملة الأمان الوحيدة حتى الآن، وهذا ما راهنت السلطات النقدية عليه.
 
وتابع بو عينين: على المستوى الاستراتيجي يفترض أن تكون دول الخليج قادرة على التعامل الاستراتيجي مع الموقف الحالي، وأن تكون على استعداد تام لتوظيف خروج بريطانيا لمصلحتها الدولية والاستثمارية أيضًا. ومتغيرات المجتمع الدولي قد تفرز بعض الفرص وبعض المشكلات أيضًا.. والحكمة تقتضي التعامل معها بكفاءة للاستفادة من الفرص التي قد تتولد، وحماية مصالحنا من أي مشكلة قد تنعكس سلبًا على السعودية ودول الخليج.
 
  الاستثمار بالعقارات
المحلل الاقتصادي الدكتور طلال الزايد يقول لـ"سبق": بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستتأثر الاستثمارات الخليجية الموجودة سابقًا، وسيكون هناك ضرر كبير نتيجة انخفاض العملة والجاذبية الاستثمارية بسبب التعتيم الذي يلازم خروجها من الاتحاد الأوروبي. والخسائر البريطانية وصلت لأكثر من 100 مليار. كما أن أسعار النفط انخفضت 4 %، وتعتبر بريطانيا من أهم الدول المستهلكة للطاقة.
 
  وأضاف: التأثير لن يكون طويل المدى، وسينتهي بنهاية عام 2016. وبيّن أن الرؤية ما زالت غير واضحة بعد؛ هل سينسحبون فعليًّا من الاتحاد أم لا؛ كون هناك مفاوضات تجري الآن، وستستمر لسنتين؛ فالتأثير لن يكون كبيرًا إلا أن تتضح الرؤية بشكل أفضل.
 
  وبين الزايد أن لانسحابها أيضًا إيجابيات؛ كون بريطانيا تعتبر من أهم وأقدم الاقتصاديات في العالم، وسيكون الاستثمار بالعقارات ناجحًا جدًّا؛ إذ سيتم التعامل معها كدولة مستقلة بعيدًا عن تعقيدات قوانين الاتحاد الأوروبي، وسيكون هناك اتفاقيات تجارية أيضًا.
 
  تعطل الاقتصاد
  ويقول: ستعود بريطانيا لاتباع قوانين منظمة التجارة العالمية مرة أخرى؛ وهو ما يعني أن الصادرات البريطانية ستواجه التعريفات الجمركية، التي تصل إلى 10 % مثلاً على السيارات المصنوعة في بريطانيا؛ وهو ما يعني رحلة طويلة مليئة بعدم اليقين. ومع وضع التعريفات الجمركية المرتفعة بعين الاعتبار، إضافة إلى تقييد الوصول إلى الأسواق المختلفة، سيصغر الاقتصاد البريطاني بنسبة 7.5 % بحلول 2030، وفقًا لحسابات وزارة المالية. وفي الوقت نفسه يقول مناصرو الخروج إن حسابات وزارة المالية تستند إلى الجوانب السلبية متجاهلة الإيجابيات مثل الاتفاقيات التجارية الجديدة.
 
ومع استمرار ضعف الجنيه قد تلجأ بريطانيا إلى زيادة الصادرات، لكن هذا يعني زيادة التكلفة بالنسبة للشركات التي تستورد المواد الخام، وبالنسبة للمسافرين البريطانيين في الخارج أيضًا.
 
كما ستنخفض أسعار العقارات، أو بالأحرى سترتفع بوتيرة أبطأ من المتوقع. وفي الوقت ذاته، قد يتسبب التضخم في رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة إذا خرجت بريطانيا من الركود التالي للاستفتاء؛ وهو ما سيرفع أقساط الرهن العقاري.
 
  انهيار الجنيه
وقال: فَقَد الجنيه الإسترليني الجمعة 24 يونيو أكثر من 10 % من قيمته، بعد أن أظهرت نتائج الاستفتاء الأولية بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهوى سعر العملة البريطانية "الإسترليني" مقابل الدولار إلى 1.3305 للدولار.
 
  ووفقًا لوكالة "بلومبرغ" الاقتصادية، يعد هذا الهبوط الحاد لقيمة الجنيه الإسترليني أدنى مستوى له منذ عام 1985. وسجلت الأسهم الأوروبية انخفاضًا غير مسبوق؛ إذ هبط مؤشر "يورو ستوكس 50" بنسبة 3.94 %؛ ليصل إلى مستوى 2.918.18 نقطة بحلول الساعة 10:05 بتوقيت موسكو، كما تراجع مؤشر "FTS100"  بنسبة 1.60 % ليصل إلى مستوى 6.236.40 نقطة، وهوى مؤشر "كاك" الفرنسي بنسبة 4.87 % ليسجل 4.248.60 نقطة، أما مؤشر "داكس" الألماني فخالف باقي المؤشرات الأوروبية؛ وارتفع بنسبة 1.85 %؛ ليصل إلى مستوى 10.257.03 نقطة.
 
من جانبه، أعلن بنك إنجلترا المركزي أنه سيتخذ جميع الخطوات الضرورية لضمان الاستقرار النقدي والمالي بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
 
  وقال البنك في بيان: يراقب بنك إنجلترا التطورات عن كثب. شرع البنك في خطة طوارئ واسعة، ويعمل بالتعاون الوثيق مع وزارة الاقتصاد والمالية وغيرها من السلطات المحلية إلى جانب البنوك المركزية في الخارج.
 
  وشهدت بورصة طوكيو تراجعًا حادًّا؛ إذ انخفض مؤشر سوق المبادلات في طوكيو "نيكي" القياسي 8.30  % أي 1347.79 نقطة إلى مستوى 14890.56 نقطة، أما مؤشر "توبيكس" الأوسع فقد هبط 8.16  % بخسارته 105.91 نقطة إلى 1192.80 نقطة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org