إمكانيات القطاع الخاص المحدودة

إمكانيات القطاع الخاص المحدودة

القطاع الخاص اعتاد الدعم الحكومي واستهداف الأرباح فقط، ولم يستثمر بالكوادر، ولا الابتكارات والبحوث والتطوير؛ ولذلك سيكون أكثر المتأثرين بالأزمات الاقتصادية. وهذا مصير جميع من لم يستهدف الاستدامة والاستمرارية وقابلية التوسع والوقاية من المخاطر. القطاع الخاص في السعودية اعتمد على العمالة الرخيصة للحصول على الربح السريع دون استثمارات تساهم في بناء الاقتصاد المحلي؛ فلم ولن يكون الجواد الذي نراهن عليه.

لا شك أن القطاع الخاص في الدول هو من يقوم على تطوير اقتصاداتها وأعمالها؛ فهو من يوفر الوظائف، ويعتمد على استمرارية الإنتاجية المبنية على أسس سليمة.. ويفترض عدم قيام الحكومات على منافسة القطاع الخاص طالما أنه قادر على تأدية مهامه على أكمل وجه. ولكن عندما يستهدف القطاع الخاص الربحية فقط فهو يجهز نقاط قوة لمنافسيه، ومن ضمنهم الحكومات.

السعودية تطمح إلى قطاع خاص يطور الاقتصاد، ويولد الوظائف، ويكون المحرك الأساسي للتنمية والاقتصاد.. وبذلك يزدهر سوق المال والاستثمارات والعقار والإسكان والتجزئة والطيران والصحة والتعليم.. والبقية.

الحقيقية التي يجب أن نعيها أن القطاع الخاص في السعودية ليس لديه استعداد للاستثمار في البحوث التي تحتاج إلى وقت طويل ليجني أرباحها، وليس لديه أي قدرة على الاستثمار في الإنسان والعقول؛ لأنه يرى إحضار العامل الأجنبي الجاهز أوفر وأربح له، كما أنه يرى استيراد السيارة جاهزة وبيعها محليًّا بأرباح وفيرة أفضل من تصنيعها، وكذلك استيراد المعدات والأجهزة والإلكترونيات والهواتف وغيرها. القطاع الخاص يرى أن دعم الدولة يجب أن يتماشى مع مفاهيمه بتوفير البنى التحتية والدعم المالي والتمويل والإعفاء الجمركي فقط، بينما المفهوم الحقيقي للدعم أن يتم دعم الشركة حتى تنجح وتنتج.. ومن ثم يفترض بالدعم أن يتوقف؛ لأنه ليس ضمن أي منظومة نموذجية. الغريب أن شركات قديمة وربحت كثيرًا لسنوات طويلة لا تخجل من أن تتلقى دعم نصف رواتب الموظف السعودي تحت مظلة دعم "السعودة".

يجب أن نعي أنه على القطاع الخاص توفير 4 ملايين وظيفة خلال 10 سنوات؛ وهذا يتطلب استثمارات جديدة بنحو 200 إلى 300 مليار ريال سنويًّا.. فهل البنوك لديها القدرة على توفير اثنين إلى ثلاثة تريليونات قرض خلال عشر سنوات للقطاع الخاص؟ لا ننسى أن هذا القطاع الخاص يستجدي نصف راتب السعودي "أبو 3000 ريال" من الدولة. القطاع الخاص لن يستثمر في بحوث قد تستغرق سنوات قبل أن يرى أرباحها، والقطاع الخاص لن يستطيع الدخول في الصناعات والخدمات المتقدمة، والقطاع الخاص لن يتنازل عن استيراد السلع جاهزة وتسويقها محليًّا دون عناء. الحقيقة: القطاع الخاص لن يتحول من الأعمال الحالية إلى الأعمال المأمولة لتحقيق أهداف الدولة من تطوير وتوظيف ومنافسة دولية. طبعًا نقصد هنا الغالية العظمى من الشركات المحلية، وليس جميعها.

لندع القطاع الخاص يعمل الأعمال الحالية، ونوفر له الدعم ضمن منظومة نموذجية ومعقولة، أما الأعمال المأمولة لتطوير الاقتصاد فهي أكبر بكثير، وبحاجة لتقنيات عالية وتطوير مستمر.. نحن بحاجة لاستثمارات الحكومة؛ لنضمن تنفيذ التطوير ضمن استراتيجيات تستهدف الربح والتوظيف وتطوير الاقتصاد بأكمله. هذا يجب أن يتمثل في تأسيس شركات حكومية، تشارك بها القطاع الخاص والأفراد، وتتعاون مع الجهات الحكومية لتطوير التعليم والتعليم العالي والتعليم المستمر والتعليم الفني والمهني، وتنسيق متطلبات سوق العمل مع مناهج التعليم وأقسامه، وتعمل على تطوير مراكز البحوث والتطوير والدراسات ودور الفكر وبيوت الخبرات وريادة الأعمال، وتطوير الأفكار الناشئة والابتكارات، وأخيرًا إدارة المشروعات.

يجب أن تضع السعودية استراتيجياتها بناء على المدخلات وطرق معالجتها وتأثيرها على المخرجات، والاستدامة وقابلية التوسع، وتجانس وتكامل منظومة الأعمال.. والخصخصة وتطوير القطاع الخاص تدريجيًّا وتجهيزه للقيام بجميع الأعمال مستقبلاً.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org