أكاديمية للتعدد.. هل توافقني؟

أكاديمية للتعدد.. هل توافقني؟

أحدث إعلان أكاديمية سعودية، العمل على إنشاء ما يسمى بـ "أكاديمية التعدد" التي ستتيح للشباب الزواج بثلاث زوجات معاً، والرابعة بعد عشر سنوات ضجة واسعة على مواقع التواصل في المملكة، وسط انتقادات حادة لمشروعها من قبل كثير من المغردين، الرجال والنساء، على حد سواء.

في البداية لا بد وأن نقول إن هذه الفكرة وغيرها تخرج من رحم المعاناة الحقيقية، فهي فكرة تشتبك مع واقع مفعم بمشكلات مجتمعية، وليست فكرة جدلية تنطلق من وحي الخيال، وتتلاقى مع طواحين الهواء.

فعدد "العوانس" بين الفتيات السعوديات (تقاس بتجاوز الفتيات سن الثلاثين) ارتفع إلى أكثر من 4 ملايين فتاة عام 2015، بعدما كان مليونًا ونصف المليون فتاة عام 2010، ويتزايد في الآونة الأخيرة.

وبخصوص المطلقات، فقد أظهرت تقارير إحصائية سعودية أن نسبة حالات الطلاق بلغت نحو 3 أضعاف حالات الزواج، وأن مدينة جدة هي الأكثر "طلاقاً" بين المدن السعودية. وكشفت وزارة العدل السعودية عن 33954 حالة طلاق خلال عام 2014، فيما بلغت حالات الخلع 434 حالة، بينما بلغ عدد الزيجات 11817.

ومن ثم فإننا أمام مشكلة مجتمعية تتفاقم خطورتها، ولا توجد حلول حكومية فاعلة لمواجهتها، وربما تكون المبادرات المجتمعية والأكاديمية أكثر فاعلية في هذا الصدد، سواء في ذلك اتفقنا أو اختلفنا في بعض بنود تلك المبادرات أو حتى في كل بنودها.

برأيي فإن هناك عدة ميزات في مبادرة أكاديمية للتعدد، أولها أنها تضع بعض المشكلات التي تعاني منها المرأة في إطار الاهتمام المجتمعي الواسع، فهي تثير الماء الراكد، وربما يقود ذلك إلى مبادرات أكثر إحكاماً وجودة من المبادرة المطروحة التي لا نتفق مع كثير من أطروحاتها النظرية.

وثاني هذه الميزات، أنها تضع إطار الحل لهذه المشكلات تحت أعين الخبراء والاستشاريين والعلماء، إي أن المبادرة تحوطها أعين المعنيين، وهي آلية شديدة الأهمية حينما نشتبك في قضية خطيرة كهذه.

وثالث هذه الميزات أنها تضع ثلاث فئات من النساء في زاوية الحل، ولم تركز على فئة واحدة، وهي رؤية أوسع وأشمل، من غيرها من الأطروحات السابقة، وأراها تؤخذ في الاعتبار عند إعداد أطروحات ومبادرات أخرى أكثر جدية وقبولاً من المجتمع.

لا شك عندي بعد هذه المزايا التي ذكرتها آنفاً أن "أكاديمية التعدد" تحتاج إلى مزيد من الدراسة والإحكام لسد ثغراتها، والاستفادة من الانتقادات التي وُجّهت لها كي تكون محلاً للقبول المجتمعي الواسع، وليكن همنا جميعاً كيف نساعد هذه الفئات النسائية على مواجهة مشكلاتهن دون ابتذال لقيمة المرأة ومكانتها.

ويا أيها المغردون مهلاً فـ:

لا يعرف الشوق إلا من يكابده *** ولا الصبابة إلا من يعانيها

لا يسهر الليل إلا من به ألم *** لا تحرق النار إلا رِجْل واطيها

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org